أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 فبراير 2012

انتحار 2 ..to meet your (ONE) on check out 2

كنت اتحدث ولا انظر إليها .. اخرجت سيجاره .. واشعلتها وبدأت اسحب دخانها في بطء ..


- علي فكره .. انا اول مرة اعرف ان الانتحار بيموت الفضول .. يعني مسألتنيش انت مين بسلامتك ؟؟ .. واشمعني انت اللي بتكلمني ؟؟ .. ولا تلاقي طاقة فضولك كلها متوجهة نحو ما ينتظرك علي الجانب الاخر من الحياة .. ما بعد الموت ..


تفتكري في ايه الناحية التانية ؟؟!!


- المفروض علي حسب ما سمعت... ان محمد راح يجيبلي واحد متدين ؟؟!!
هكذا كسرت صمتها الاخير .. بتهكم واضح متأملة دخان السيجارة المنبعث مع الاحباط من فمي ..
- مانا متدين .. بس متدين بطريقتي ..
اجبتها ببديهية سريعه ..

- إن الاخراج وظيفة حيوية للبشر .. إن تعطلت فسدت حياتهم .. المخلفات الحيوية تخرج بعدة طرق .. مع النفس .. مع العرق .. عبر مواسير الصرف الحضاري ..
أما الاحباط .. المخلف النفسي الأقذر .. فلم يكن لدي وسيلة لإخراجه سوي عبر سيجارة ..
بس واضح بقي ان انتي تراكمت جواكي المخلفات النفسية دون محطات تفريغ ..
للاسف نفسك لسه مدخلهاش الصرف .. عشان كده آبار نفسيتك طفحت .. يأس ..

كانت تقاوم ابتسامة خافتة تحاول التبرعم علي شفاهها الغضة .. 

- متدين بطريقتك .. انت حتتفلسف ؟؟ .. هو دين واحد .. قالب واحد بتلبسوه .. كلام واحد بترددوه .. حاولت البسه زيكم .. بس مطلعش علي مقاسي .. منفعنيش ... تقدر تقول : حاولت اني ابقي متدينة .. بس الدين نفسه مقبلنيش ..

كانت تتحدث بأسي .. ناظرة إلي السماء المارة في الخلفية علي اطراف اصابع سحابها خشية أن تدفعها للتعجيل بالسقوط .. 
واستطردت .. بعد تنهيدة مغوية .. 
- أنا لو كنت مكان ربنا .. كنت مش حخلق الانسان عشان اعذبه في الدنيا وادعي اني بختبره عشان في النهاية اوديه يا سعادة علي طول يا شقاء علي طول .. حستفيد ايه لما اقضيها تجارب ؟؟ ... 
تأملتني لحظة في صمت متوقعة انزعاج مني .. او ردة فعل انفعالية .. ولكني لم اهتز .. فقط ابتسمت بهدوء ..
كنت اري الامر يجاوز الشبهة الفكرية .. كعادة الملحدين في بلداننا .. ليست منطلقاتهم منطلقات فكرية واشتباه عقائدي او تساؤلات ذهنية بحتة ..
كنت المح وميض الغضب .. اري مثالية وشفافية .. رفض للشر في الكون .. كطفل مملوء بالبراءة لا يحتمل رؤية صغير آخر يبكي ..

كطفل اجبر علي اطفاء التلفاز اعدادا ليوم دراسي بالصباح .. فأخذ يبكي ويتأفف . ويردد لأباه : اكرهك ..

- علي فكرة أنا مش كافرة .. أنا بس معرفتش انفذ الدين .. معرفتش اكون مسلمة زي المفروض ما أكون .. عجزت اني اعمل اللي ربنا طلبه مني .. معرفتش امشي علي القرآن ..

خرجت مني ضحكة عفوية رنانة .. ممزوجة بسؤال استفزازي :
- عارفة انت هنا ليه ؟؟!! .. عشان كده ..
عشان فكرتي ان الدين وصايا .. وشفتي القرآن منهج تنفيذ .. حاولت تحشري نفسك في قالب (الملتزمة بالقياس) .. الصورة المتداولة عن الملتزمة ..
عمرك ما حاولتي تشوف الموضوع بشكل مختلف .. تشوفي القرآن .. كأنه كتالوج كبير للنسخ البشرية .. كتيب التركيب والاستخدام للنفس اللي ربنا حاططهالنا .. البوم كبير .. البوم مقدس نازل من المصنع .. فيه كل النوعيات اللي خرجت واللي حتخرج من المصنع ده .. مواصفات كل واحد .. وازاي بيشتغل ..
لأ .. وكمان طرق صيانته ...
عارفة مشكلتك مع الدين يا مروة .. مش مشكلة في الدين .. ولا في الوجود .. المشكلة انك لخبطتي بين نسختك ونوعيتك اللي في الكتالوج ده .. مع نسخة تانية خالصة ..
فبالتالي هنجتي ..
النسخة بتاعتك مش بتشغل السوفت وير اللي انت حاولتي تنفذيه علي نفسك عافية .. نسختك مش بتدعم الابليكشنز اللي انتقتيها من القرآن ..

الدين ده واسع اوي .. والقرآن ده رحب جدا ... المشكلة اننا مش بناخد من المصدر مباشرة .. وكأننا شايفين اننا اقل من أننا نقطف من الشجرة .. وكأنها مش بتاعتنا .. وكأننا محتاجين اذن حد .. محتاجين حد يفسرلنا .. وحد يشرحلنا .. وحد يوعظنا .. ويخطب فينا .. ويدينا درس .. وكأن الدين منطقة محظور الدخول فيها لغير العاملين ؟؟!!!
وكأننا محتاجين حد يدعونا .. ويربينا .. ويترجملنا الرسالة ..؟؟!!
رغم انه نازل ليكي وليه .. مباشرة من غير وسيط .. من غير شروح وتفسيرات ..
القرآن مش نازل عشان نفسره .. ونشرحه .. لا بالعكس
القرآن نازل عشان هو اللي يفسرنا .. ويشرحنا ,..

كانت عيناها تلمعان ببريق جديد .. يرتفع احيانا حاجباها المصبوبين بعناية واعجاز رباني فوق عينين زرقاوين يشبهان البحر في عمقه .. واغواءه ..  ويشبهان السماء في لا نهائية الغرق نظرا في امتدادها ..

- كلمني اكتر .. عاجبني الحوار  ......
استطاعت ابتسامتها أن تنتصر بالافتراش علي شفتين ورديتين انهكهما الامتعاض ...

- بصي يامروة .. الجنة مش باب واحد .. والعبودية مش نازلة بمقاس واحد .. والدخول علي ربنا مش زي دخول المولات تتفتشي فيه ع الباب .. ومفيش حاجة اسمها مسلم مطابق للمواصفات القياسية كعلب العصائر ..
مشكلتك انك مشيتي وسط الزحمة .. حاولتي تخشي من نفس الباب .. وتلبسي مقاس عبودية مش مقاسك ..
ما أخدتيش القرار الجرئ أنك تلبسي المقاس المناسب .. وتعبدي بطريقتك .. وتشوفي ربنا وحكمته واحكامه بعنيكي انت .. مش بعنين حد .. ونسيتي ان قلبك هو شيخك ومعلمك ودليلك في الحيرة والتوهان .."استفت قلبك .. ولو افتوك"

اخدتي فتاويهم .. وحاكمتي روحك وقلبك بمعاييرهم .. بل وصل بيكي الامر انك في النهاية تقتصي .. بأنك تحاكمي افعال ربنا .. بمعيار افعالنا .. وتوزني حكمته المطلقة في خلقه بميزان المخلوقين العاجز الناقص بعجزهم ونقصهم ولا محدوديتهم ..

كانت تهز رأسها بحنو .. مع همهمات التفهم .. يتطاير شعرها بفعل الهواء المتآمر مع الهوي حول عينيها فترفعه في مؤامرة هوي وهواء  لاسقاطي فيها .. قبل أن تسقط هي من الشرفة ...

يتبع في الادراج التالي .....

الثلاثاء، 28 فبراير 2012

انتحار (1 .. seeing your (ONE) just before death 1


- واقفه علي سور البلكونة في الدور الثامن .. وبتغني .. الحقها بالله عليك .. انت الوحيد اللي ممكن تتعامل معاها 


هكذا اخبرني حبيبها صارخا في الهاتف ..
لم اكن اعرفها من قبل ..
بعد ثلث ساعة وجدتني بجوار باب البلكونة .. والأهل محتشدين بالأعلي .. والمارة محتشدين بالأسفل ... 


كيف بدأ الأمر ..
رن جرس هاتفي بإلحاح غريب من صديق قديم قدم البراءة داخلي ... 
ربما نسيته .. كما نسيت تلك البراءة .. 
وربما هما نسياني .. 


- بص يادكتور دي مسألة حياة او موت .. أنا حب حياتي عاوزه تنتحر ... محدش عارف يقنعها .. محتاجك تكلمها 
في البداية ظننت أن الأمر مجرد هاجس .. وصل إليه .. وبالغ فيه بحبه لها ... 
حتي تأكدت أنه يعني أن ذاك حادث الآن .. 
هي الآن تقف علي سور البلكونة في الدور الثامن بشقتها .. وتهدد الجميع ان فتح احدهما باب الشرفة ... ستعجل بإلقاء ذاتها ..
فقط ينبغي عليهم جميعا أن يصغوا لها ..
بدأت تخاطبهم .. تروي لهم قصصها المتوارية .. تغني احيانا .. تضحك بهستيرية .. وتبكي حينا .. 
تطلب منهم الاتصال بشخص ما .. ثم آخر .. حتي انتهي الأمر إلي حبيبها ..
الذي اتصل بي بدوره حين عجز تماما عن مجرد اقناعها بأن يدخل عليها الشرفة ليتحدثا ..


- اشمعني انا يا محمد .. أنا مش طبيب نفسي  ...
كنت احاول الهرب من تلك المجهولة .. 
كعادة الجميع .. لم يكن مظهر اعضاءها المتناثرة علي الطريق ليترك لي انطباعا جيدا غدا ..؟؟!!!


- عشان انت .. اكتر حد اعرفه خبرة بالألم .. صديق للمعاناة .. انت اكتر حد تقرب من الشياطين .. والتصق بالعبث والفراغ واللاجدوي 
- يا سلام .. ؟؟!!
- ببساطة يا دكتور .. انت اكتر حد اعرفه انتحر قبل كده كتير ...!!!!


وفي دقائق وجدته ينتزعني من المستشفي .. ويذهب بي إلي بيتها ..


اليعون كانت معلقة بي .. المارة حول بيتها .. أهلها .. 
كانت الطريق تفسح بانسيابية غريبة بين اكتظاظ الاجساد حول مشاهدة انهيار انسان ..
شعرت كأني مسيح مخلص .. ساحر منتظر .. 
ذاك الغريب الذي يسحبه حبيبها .. ويمر به سريعا نحوها ..
الكل كان يتمتم بالدعاء .. أو الاستغراب .. أو التساؤل عن ماهيتي .. 
- مين ده ؟؟!! .. معالج روحاني .. ولا منوم مغناطيسي ..
- هو الواحد في حالة زي دي ممكن يتصل بمين ينجده .. لا مطافي ممكن تطفي وجعها .. ولا اسعاف ممكن تداوي جرح الدواخل .. 

هكذا اظنهم كانوا يتمتمون .. 

اخترقت الاجساد .. وعلي مقربة من الشرفة .. افقت ..
- طب انا معرفش اي حاجة عنها .. قوللي اي حاجة عنها .. ايه اللي مخليها عاوزه تموت .. فيه مشكلة في ارتباطكم ..
هكذا سألت حبيبها .. 
ورد الجميع 
- لا يابني .. المشكلة في دماغها .. هي بتفكر كتير .. مكتئبة .. معدومة الأمل .. مش زعلانة من حد معين .. دي زعلانة م الدنيا .. وبعدين عندها وساوس بخصوص ربنا والوجود والخلق وكده ... 

يا الله .. لهذا اذن اختاروني أنا .. 
اصبحت في الفترة الأخيرة ملاذ ذوي الوساوس .. والشكوك .. 
طبيب الملاحدة .. والمدمنين .. 

- طيب استأذنكم مساحة بس كده عشان اعرف اكلمها .. هي اسمها ايه ؟؟
 - مروة .. 
رد احد المشاهدين في مداخلة غير معلومة المصدر ..

اقتربت من الشرفة .. كانت الافكار مزدحمة في عقلي .. 
كانت جميلة كحلم في نهايته .. رائقة البشرة بشكل عجيب .. وكأني رأيت في مرآة وجهها حياتي القديمة ..
عيناها تلمعان بخيط رفيع من الدمع .. ممزوج بنظرة شجن .. لوم للكون .. عتاب للاشيء .. بل لكل شيء ..
علي وجهها كانت ابتسامة مريرة .. ابتسامة التهكم المختلط بالتألم .. 
وكأنها تبتسم في محاولة لتوازن أوجاعها .. حتي لا تسقط الآن ..

شعرت بمجرد النظر في وجهها .. انها لا تهدد .. انها تعني ذاك فعلا ..
هي فقط تنتظر ان تلقي وصاياها الأخيرة .. عتابها المدوي ..
هي تريد ان تترك للكون صفعة عتاب ..

هي كانت اجمل من أن تموت .. لم استطع تصورها ممزقة علي الاسفلت الحضاري القاسي .. 
كانت متزينة كعروس .. غزيرة الشعر .. يفرقه هواء الشرفة الثامنية .. في مشهد سينمائي .. مؤلم ..

- تعرفي يا مروة .. ياما كان نفسي اقابل غريب .. اي حد غريب احكيله عن حاجات مش قادر احكيها .. وبعدين اقتله ... بس كويس انك هنا .. علي حافة الموت .. وكمان معرفكيش .. فممكن قبل ما تنطي .. تسمعي مني حكاياتي اللي مش قادر احكيها لأحبائي .. وبعدين تاخديها معاكي للقبر .. عشان انا تعبت اوي من شيلها ..

هكذا بدأت احدثها .,. لم اناديها .. لم اسلم . لم اقرأ ايه قرآنية .. 
- بعد اذنكم يا جماعة ... ممكن تسيبوني شوية .. مكانكم هنا مش صح .. انتم هنا في المحطة .. مروة حتبقي تحت قبل ما توصلوا الدور السابع .. حد بس ينزل يشيل العربيات من تحت البلكونة .. مش حيبقي موت وخراب ديار ..

ارتفعت همهمات التعجب .. وارتفع سؤال صامت .. (انت جايبلنا مجنون .. ولا واحد يستعجلها .. دي حتنتحر مش حتولد ؟؟) .. رفعت صوتي بهذا السؤال الذي لم يتمكنوا من قوله .. وقرنته بغمزة خافتة وايماءه إلي صديقي .. الذي حمل الجميع للخارج .. 

- جربتي تشربي سجاير ؟؟!! .. اوعي تكوني حتموتي قبل ما تجربيها ؟؟!!
كانت صامته منذ بدأت عباراتي الصادمة .. توقفت عن حكاياها .. عن معاتبتها لكل شيء .. عن ندبها .. عن غنائها ..
وفجأة لمعت عينها دون خيط الدموع ..

اخرجت علبة سجائر مستترة في جيب سترتي .. سجائر الطوارئ كما اسميها .. سجائر الاحباط .. 
فأنا اكتب علي علبة السجائر تاريخ شرائها .. ثم اشرب سيجارة واحدة كلما كنت محبطاً ..
واراها في اخر كل شهر ..
نعم هي مقياس احباطاتي .. وذاك الشهر كنت محبطا بمقدار سيجارتين ..

- دي بسميها سجاير الاحباط .. انا مش مدخن .. بس بشرب سيجارة واحدة كل ما الدنيا تضايقني .. الشهر ده الدنيا مديونالي بسيجارتين .. وادي التالتة .. محبط دلوقتي .. مش منك .. لأ .. من اي حاجة في الكون .. خلت ملاك زيك ... يمشي بدري 

- والله مش بهزر يا مروة .. اوعي تكوني حتموتي من غير ما تجربي .. 
بيقولوا انك كده كده داخله النار .. عشان بيقولوا انك حتموتي كافرة .. فبجملة يعني .. اوعي تكوني حتخشي النار .. وعمرك ما شربت سيجارة .. ولا دقت طعم الفودكا .. ولا بوستي شاب حليوة من بقه ؟؟
اصل يعني دي تبقي بواخه طحن .. انك تخشي النار .. من غير رصيد ..
عارفه ساعتها ابوجهل حيشغلك عنده في النار .. صبي ..

كنت اتحدث ولا انظر إليها .. اخرجت سيجاره .. واشعلتها وبدأت اسحب دخانها في بطء ..

- علي فكره .. انا اول مرة اعرف ان الانتحار بيموت الفضول .. يعني مسألتنيش انت مين بسلامتك ؟؟ .. واشمعني انت اللي بتكلمني ؟؟ .. ولا تلاقي طاقة فضولك كلها متوجهة نحو ما ينتظرك علي الجانب الاخر من الحياة .. ما بعد الموت ..
تفتكري في ايه الناحية التانية ؟؟!! 




....... يتبع في الادراج التالي 



الجمعة، 24 فبراير 2012

دكتور جيكل ومستر هايد ... his jekyll and hyde



    احدهما ابيض نقي .. حنون ..  شفاف ..
    يكترث ..
    الآخر .. ظلامي رمادي .. عكر ..
    قاسيا .. لا يكترث ..

    احدهما .. صوفي .. متعبد .. مجاهد ...
    الآخر .. سوفسطائي .. ماجن .. مؤذي ..

    احدهما .. ساكن .. واسع .. داعم .. دافئ ... اخضر..
    الآخر .. جانح .. مضطرب .. ساخر .. جليدي ..ازرق ..

    احدهما .. طفل .. غض .. برعمي .. هش ...
    الآخر .. متنمر .. حاد .. لاذع .. متكتم ..

    احدهما .. خفيف الدم .. صادق البسمة ... مريح الطلة .. خافت النظرة ..
    الآخر .. حار .. مراوغ .. مريب .. شهواني ..

    احدهما .. اخلاقي .. مثالي .. هادئ .. كثير الربتات .. فاتح الذراعين لذوي الآلام ..
    الآخر .. قذر ... متسلق .. همجي .. نفعي .. يري أن اقوي وسائل تخفيف الألم هي قتل المتألم ..

    احدهما .. مستقر .. بيتوتي .. يري السعادة طفلين وامرأة علي اريكة منتواضعة امام تلفاز عشريني البوصات واكواب من الشاي ..
    ووالآخر .. بربري .. متسكع .. يري أن لا سعادة .. ولكن بعض اللذة سيكون بتصفيق اجباري حاد علي منصة فاخرة أمام جمع من الحمقي .. يملكهم ..

    احدهما .. حواري .. تابعي .. واعظ .. متصل ..
    الآخر .. فاجر .. شارد .. متهكم .. منبوذ ..

    احدهما .. طبيب .. يبعث الطمأنينة .. مثير للألفة .. مشع بالدفء ..
    الآخر .. مرتزق .. مثير للجدل .. يبذر الشكوك .. طاقوي اسود ..

    احدهما .. عذب .. افلاطوني .. شهم ..
    الآخر .. براجماتي .. بوهيمي .. فوضوي ..


    لم يتفقا إلا في أن ..
    كلاهما ..
    هو...

    كلاهما يتلبسانه ..

    كل احد يراه .. يحب احدهما ويكره الآخر ..
    فيحاول اقناعه أنه ذاك المحبوب .. احدهما .. وانه يجب عليه قتل الآخر .. اخماده .. اسكاته ..

    ولكن هو .. يحب كلاهما .. يقبل كلاهما ..
    الطاهر والفاجر ..
    الرباني والسنكوح ..

    كلنا ياسادة يحمل شخوص النور والظلمة .. طاقات البياض والسواد ..
    الغريب هنا فقط .. أن داخل مدن هذا الرجل قد عقدت الملائكة والشياطين عقود سلام ..
    رفعوا رايات هدنة ..
    تصالح الابيض مع الاسود ..
    نبذا الصراع ..
    قد حدث داخله تعايش عجائبي بين الأضداد ..
    الكل سيبقي نفسه بعض الوقت ..

    ربما هو مرض ..
    ربما هو يفتقد انزيم الصراع .. لديه نقص في هرمونات قرار السير في احد الطريقين فقط ..
    ربما هو طماع بما يكفي لئلا يختار بين لذات البياض والسواد ..
    ربما هو الرجل الأغبي علي الاطلاق .. الاكثر حماقة ...
    ربما هو اعرافي ..
    وربما هو رجل سيؤمر ببضعة منه للجنة .. وبضعة منه للنار ..
    يتفرق كيانه بين الثواب والعقاب ..
    ربما هو قهابيل .. أو هقابيل ..


    هو تمني فقط .. أن يجد من يحب كلاهما معا ...
    من يستطع ترويض كلاهما معا ...
    من يفرح بوجود كلاهما معا ..

    تمني فقط أن يجد يوما من يحمل نقيضين .. مثله ..
    فيتوائما .. يتمازجا ..
    تمني اتصالا رباعيا بين بشرين ..
    رباعيا ..

    الاول .. تمني ..
    الاخر .. تمني ..
    ايضا ..


    ملحوظة : هذه التدوينة تتحدث عن رواية دكتور جيكل ومستر هايد .. ليس أكثر
                  وغمزة عين .. 

الأربعاء، 22 فبراير 2012

لقد نفذ رصيدكم ... battery low


حين لا تجد شيئا تقوله لنفسك .. وللآخرين ..
لا شيء يكتب ..


إذن ..
battery low ...... please connect to the nearest charger ....!!


نعم .. لقد انتهت شحناتك ..
نفذ رصيدك من الطاقة.. 
لم يعد لديك ما يكفي للمواصلة .. 
ينبغي ان تعود لمصدر الطاقة .. تتصل به عن طريق (كابلات التوصيل ) المخصوصة لنوعيتك .. لنسختك ..
ينبغي ان تجد مصدر الطاقة الأقرب .. قبل أن ينقطع ارسالك .. تنغلق ..
تنفد ..
فلا يعد لديك حتي ما يكفي للوصول لكابلاتك ..

ولكل منا كابلاته المخصوصة .. شاحنه الخاصه .. نظام تشغيله المميز .. 
وكلنا يعرف بدقة ما الذي يلائمه ..
 


ينبغي أن تترك بطاريتك .. لتشحن ..
تجدد رصيدك .. تعيد ملا خزانتك ..


لا حول ولا قوة إلا بالله ..
لا مصدر للطاقة سواه .. ولا منطلق للانطلاق غيره ..
إننا يا سادة .. نحيا .. نقاتل .. نثور .. نتمرد .. نعشق .. بتلك الدفعات التي يبثها فينا حينا الاتصال به ,,
حين نقترب ولو بمقدار ركعة صدق .. سجدة خاشعة ... تعيد ملونا ..
بل إننا أحيانا نكون لا نملك ما يكفي من الطاقة .. لنعصي ..؟؟!!!


فلا حول ولا قوة إلا بالله .. نعم ..
حتي علي العصيان .. فالعصيان ذاته .. نوع من حياتنا ,,
ونحن لا نقوي علي الحياة دون تلك الشحنات التي يبثها فينا .. ذاك الاتصال .. (المؤقت للأسف ) 


بعد قليل .. نبدأ نهنج .. 
تتعالي اصوات الانذار في ارواحنا .., 
اضطراب .. قلق .. توتر .. ضيق غير معلوم المصدر .. خواء بلا سبب ...
كلها تعني .. battery low


فعد يا فتي إلي مصدريتك .. تعري من (الكفر the cover
ومن الوشاش ... عطل السكرين سيفر بتاعتك ..
نعم لدي كل منا غطاءه الخاص .. واوشاشه القابله للتبديل .. وسكرني سيفر يحفظ عليه صورته امام الناس .. وول بيبر تتغير تبعا لمزاجاته ..
عطل كل الاوبشنز فيك ..
واشحن نفسك ..


لتجد ما يكفي من الطاقة .. لتعاود الجنون ..


ولا تقلق ..


فلن يمل الله حتي تملوا ....!!!!

الثلاثاء، 21 فبراير 2012

معاناة .. هلامية ...!!! ... the struggle


كنت احدثها عن المعاناة الانسانية ... أحاول أن اقنعها أننا خلقنا لنعاني ؟!!
وأن تلك النظرة الوجودية لها اصل عميق في الاسلام .. وضمان مقدس لحالة المعاناة الانسانية الدائمة ..
"خلق الانسان في كبد" ..

ولكني كنت كاذبا ..
وايقنت لحظتها أنني كالعادة .. كاذبا .. مخادعا .. فقط أنا ألوي الحقيقة أمام ضعف حجة المستمع ...
لأقنعه . بلا شيء ..

ولكني كنت سعيدا .. لاكتشافي اني كنت كاذبا ..
فكذبي يعني أني لا احتاج إلي المعاناة بعد الآن ..
كوني كاذبا . يعني أن السعادة قريبة بشكل ما ..

الكبد .. ليس معناه المعاناة .. إنما النضال .. 
ليس معناه المشقة .. إنما المقاومة ..
الكبد يساوي struggle 
 الصراع .. لا التعب والعناء ..
خلق الانسان في حالة الصراع .. النضال .. المقاومة ..
بين طرفين البياض والسواد .. النور والظلام .. داخله وخارجه ..

ولهذا سميت محطة الفلترة في اجسادنا ومحطة التخلص من السموم .. الكبد ..


ليس معني الكبد .. العناء ياسادة كما يفسروه لنا .. هو فقط يعني النضال ..
ومن قال إن المناضل يكون حزينا .. 
بالعكس .. المناضل لديه معني ..  مغزي لحياته .. 
المناضل لديه ما يفخر به .. ولديه ما يدافع عنه .. ويموت لأجله ..
وهو ما لايوجد في التصور الوجودي القائم علي المعاناة .. علي اللامعني .. الللامعقول .. الخواء . اليأس ..




وهو كبد .. ولكنه ليس "مكابدة" 
فهذا الصراع نفسه .. لايدور في حقيقته مع طرف قوي يصارع .. ليوصف بالمكابدة (النضال المشترك .. النضال والنضال المضاد)
فليست الدنيا .. والهوي .. والشيطان .. بأطراف تهوي النضال ...
هي اطراف تقتا علي ضعفنا .. لكنها ليست ابدا اطرافا قوية بما يكفي لتناضل أمام نضالنا .. 


إن المعركة محسومة يا سادة .. فقط إن ناضلنا .. 
إن عشنا ذاك الكبد ... 
ان حيينا علي ذاك النضال ...
وإن تشبعنا بروح المقاومة .. 
لن نجد من يقاومنا ..


فالضمان الرباني .. كبد لا مكابدة ..
نضال .. لا مناضلة ..

كذبت ساعتها .. وصدقت الآن يا فتي ..
لا حاجة أن تكون بائسا ..

لم يكتب عليك الشقاء ..

إنما الشقاء أن تضع رأسك طواعية تحت قدمي الدنيا التي لم تبال حتي برفع قدمها عن الأرض لتضعها علي رأسك ..
الشقاء أن تستسلم لشيطان ضعيف الكيد .. كان يثق في كونه مهزوم .. فقط إن وقفت .. 
الشقاء أن تصبح عبدا لهوي .. كان لايلبث أن ينساق وراءك تابعا ذليلا .. فقط إن عنفته .. 

الشقاء أن تقلب الصورة .. من النضال .. من الكبد ..
إلي انهزامية .. بلا معركة .. 

الشقاء .. أن تظن أنه قد كتب عليك الشقاء .. 

فافرح ..
يحق لك الآن ..

السبت، 18 فبراير 2012

من التوبة .. تخليص .. the dancing saint


(إلا عباد الله المخلصين) 
المخلصين بفتح اللام .. اسم مفعول .. 


هم اولئك الذين اجبروا علي الاخلاص .. 
من كان تخليصهم ارادة ربانية .. 
من انتموا إلي الله .. إلي عوالم البياض .. رغما عنهم ..
من سير الله لهم جيوش اسبابه .. لتجبرهم علي الدخول عليه ..


هم عباد ارادهم الله قبل ان يريدوه ..
فإرادة الله قديمة .. سابقة .. تماما كوجوده .. وارادتهم حادثة متأخرة .. تماما كوجودهم ..


فافرح إن كنت من المضطرين .. للعبادة .. 
المضطرين .. للجوء ..
المضطرين .. للدخول ..


وربما بصدق ساعة قديمة .. يحميك القدر هوي ساعات متأخرة ..
يقيك ارادتك ..


اول التوبة انخلاع للعامة .. 
وخلع لأولئك الخواص .. 


أول التوبة .. اقلاع .. للعامة .. 
واقتلاع ... لأولئك الخواص ..


أول التوبة ارادة .. للعامة ..
وجبر ورغم وقسر .. لأولئك الخواص ..


أول التوبة قطع ارادي للعلائق بالدنيا .. بالرغبة والشهوة .. للعامة ..


لكنه بتر .. حصر ... وأسر .. لأولئك الخواص ..


إن لله عِبَادا .. أرادهم ان يكونوا عُبَّاداً .. 
إن لله عبادا .. أرادهم .. له وحده ..
إن لله عبادا .. يأخذ بناصيتهم إليه قسرا .. يجذبهم إليهم رغما عن حماقة هواهم ..


إن لله عبادا .. يُخلِصَهم .. و..... يُخَلَّصَهم ...


اولئك .. عباد الله المخلصين .. 


فارقص علي سجادة الصلاة فرحا بعد التسليم .. إن كنت منهم .. 



من التوبة .. وظيفة


    مطلوب بدوام كامل ..
    عابد لله ..
    خادم للحضرة القدسية ..
    مدير تسويق للرسالة الخاتمة ..
    يشترط التفرغ .. ولا يشترط الخبرة ..
  1. ولا يوجد أماكن شاغرة لنصف دوام ..

الخميس، 16 فبراير 2012

الثغرة


اننا _ معشر الإسلاميين _ في عصور ما بعد الحداثة .. تلك العصور التي اصبح العلماء فيها معلبين علي أشرطة .. 
اصبح الأئمة القدامي مصهورين داخل اسطوانات كمبيوتر تحوي فقههم كاملاً ..
اصبحت المكتبات ودوائر المعارف في حجم عقلة الاصبع علي فلاشة او حتي علي برنامج موبايل ..
اصبحت الفتوي تنال بضغطة زر .. والعلوم والاقاصيص والمعلومات تنال بــ (جوجلة) الكترونية سريعة ..


لذا فنحن ببساطة لم نعد نحتاج إلي مزيد ممن يسمونهم العلماء والفقهاء .. 
ليست ثغرتنا ثغرة وعاظ وحكايين .. 
ليست ثغرتنا ثغرة لحي وجلابيب بيضاء تلقي علي مسامعنا من الذاكرة متون العلوم القديمة أو الكتب الصحاح .. فذاك يفعله الكمبيوتر بمجهود أقل وفاعلية اكبر ..


إنما نحن نحتاج إلي ما لن تستطع التكنولجيا ان تقدمه لنا ... والأكثر ألما ... ما لم يستطع القدماء أن يقدموه لنا .
ما يحتاج ليه الإسلام والإسلاميون فعليا ..
نحتاج إلي من يعلمنا كيف نشعر .. كيف نغوص في عمق الحكم الفقهي .. من يأخذ بأيادينا إلي حافة الحكمة الربانية .. 
نحتاج لي فن اسلامي .. 
لا كتلك الفنون الاسلامية التي ترتبط في اذهاننا بالزخارف الثمانية .. او الخط الكوفي .. او الدف الموسيقي .. 
أو بعض الاشعار المقعرة التي تحتاج إلي ترجمات وشروح .. 


اننا نحتاج إلي ثورة في مفهوم الفن الإسلامي .. والإعلام الإسلامي .. والخطاب الإسلامي .. بل والترفيه الإسلامي ..


ان الملتزمين يعانون حقا من عدم وجود اغنية اسلامية عميقة .. (ليس معني الإسلامية هنا ان يكون موضوعها ديني .. بل تكون داخل نطاق وحدود التصور الإسلامي مهما كان معناها )
لا يجدون رواية ملتزمة .. شعرا عميقا ملتزما .. فيلما ملتزما ... نكتة ملتزمة .. برنامج شبابي ملتزم .. (ريالتي شو ) ملتزم ..


اصبحت حتمية علي الملتزمين الموهوبين ان يكبتوا مواهبهم ظناً أن الاللتزام يعني لفظ العالم .. والتجرد يعني كبت الخصائص الربانية الممميزة فينا ..


نحن لا نحتاج إلي من يفسر لنا القرآن .. ويعطينا الاف المترادفات لكلمة ما ..
إنما نحتاج لي من يفسر حياتنا بالقرآن .. من يحيل لنا المقطوعة القرآنية لي واقع حياتي ممعاصر ... 
من يصيغ المقطوعة القرآنية في قالب حي .. من يساعدنا في اسقاطها علي حياتنا اليومية الجديدة القاسية ...


نحتاج إلي من يحترم عقولنا .. ويقدر اختلافاتنا في خطابه .. وويفتح لنا مظلة الإسلام الواسعة .. لا يكون مستعليا في خطابه يظن أنه يمتلك الحقيقة المطلقة .. وإنما كمرشد سياحي يقود فوجا ليريه عظمة التصور الإسلامي ...


نحتاج إلي خطاب ديني مغاير للأطفال .. كارتون جديد غير تلك القنوات العقيمة .. 
نحتاج إلي راب اسلامي .. وبانك اسلامي .. 
نحتاج إلي أنيميشن اسلامي .. 
نحتاج إلي اسلاميين لم يخشوا مواجهة الكون والكائنات بما لديهم .. وفي ذات الوقت لم يستعلوا علي الكون والكائنات بما يحملون ..


نحتاج إلي بشر .. يؤمنون انهم بشر .. ضعفاء .. ناقصين .. ولكنهم يحملون رسالة كاملة .. قوية ..


نحتاج إلي من يحدثنا عن الهموم التي تستولي علي الملتزمين .. علي عمق الحيرة التي تنتابهم امام مغايرة الواقع للمفترض المتجسد في تصورهم ورسالتهم ..
نحتاج افلاما تضطرنا إلي التوبة .. وانيمشن يحدثنا عن الزهد ... وبرامج تدفعنا إلي التسامح .. ورواية تعمق مفاهيم الرضا .. دون أن يتحدث ايهم في اي ذلك صراحة ..
ودون ذاك الحشد القسري للمعني .. وكأننهم يحشوننا بالحق ..
والحق اسهل علي النفوس ..


تلك هي ثغراتنا ... 


فانطلق .. ووسد ثغرتك ..

الاثنين، 13 فبراير 2012

سأبقي اكتب .. أم تري .. اكتب لأبقي ..!!!


     
  1. لأن الكتابة هي آخر ما تبقي لنا ..
  2. سنكتب ..
    ولأن أول ما كان في الكون .. قلماً ..
    "أول ما خلق الله القلم"
    سنكتب..
    فهي اول ما كان .. واخر ما تبقي ..
    ولأن اتصال السماء بالأرض كان بكتاب ..
    سنكتب ..
    فالكتابة فعل قدسي .. نوراني ..
    جزء من تلك النفخة الربانية فينا ..
    هكذا الفنون بأسرها ..  تجليات النفخة النورانية في صدر آدم .. لذا لا سبيل لكتمانها ..
    الله قد كتب كتبا يا سادة ..
    ونحت بشراً ..
    وسجع آياته ..
    وابدع الكون بجماليته الانشائية ..
    وصمم الجنة تصميم كامل بيده ..
    كتب .. نحت .. سجع .. انشأ ..
    الله قد خلق الكون في ستة أيام رغم قدرته أن يقول له كن فيكون ..
    ولدينا نحن بالنفخة التي نفخها الله فينا .. تلك الحاسة الجمالية ..
    فالله جميل .. يحب الجمال ..
    وجعلنا ايضا بنفخته فينا نحمل مسحة منه ..
    فنحن ايضا بنسبة ما .. كل احد فينا .. من زاوية ما .. جميل ..
    وكل أحد فينا من زاوية ما ايضا .. يحب الجمال ..
    لذا ساكتب ..
    لأن الكتابة صورتي .. الجميلة ..
    سأكتب حتي تراني .. جميلا ..
    كما أنا في داخلي ..
    صناعة ربانية .. جميلة بجمال خالقها ..
    سألتني بالأمس: قد اعتزلت .. وآثرت الهامش .. فلماذا تظل تكتب ؟؟
    اجبتها إن الكتابة يا صغيرتي .. فعل لا ارادي داخلي .. غريزة .. تماما كأنفاسك ..
    انت تستطيعين ان تكتمي انفاسك دقائق .. ولكنك لن تتمكني ابدا من قتل نفسك اختناقاً ..
    وتلك حقيقة علمية ..
    ترادفها لدي .. ان الحروف كأنفاسي تماما يمكنني كبتها لبعض الوقت .. ولكني لا أملك كتمانها للأبد ..
    لدي غريزة ... كحب البقاء .. هي حب الحرف .. حب الكلمة ..
    انا خلقت لاتكلم .. جبلت علي الكلمة .
    ولا عجب .. فأول ما كان في الكون كلمة ..
    "في البدء كانت كلمة ".. سفر التكوين ..
    واعتزالي كان للسامعين .. لا للكلام .
    اعتزلت البشر .. ولا املك اعتزال الكلم ..
    إن اشكاليتي الدائمة هي كوني عشقت الكلمة .. عشق الفنان الذي اخذ يجملها ويجملها ..
    حبا في الكلمة .. لا في السامع .. حتي خرج بها عن اطر الكلام ..
    زينها .. وشكلها .. دهنها .. كعروس .. حتي اصبحت تصعب علي الفهم ..
    تصعب علي التصديق ..
    حتي اصبح لا يري جماليتها سواه ..
    إن العروس ياسادة ليست زائفة كما تدعون .. ليست كاذبة بتلون وجهها ..
    ليست غاشة لزوجها ..
    وإنما هي متجملة .. تضفي الجمال إلي الجمال ..
    والجمال لا نهائي .. فاغترفوا منه ما شئتم ..
    وهكذا كلمتي .. ليست زائفة ..
    هي فقط جميلة .. بما يكفي ..
    ويفيض ..
    فلا تحتويها قنوات الأذان ..
    فلم تزل قنوات آذاننا اضيق من قنوات اخراجنا .. !!!!
    لقد عشقت الكلام حتي صار الكلام عندي للكلام ..
    والكتابة للكتابة ..
    دون ان اعبأ بسامع او قارئ ..
    الكتابة تلك الغانية .. والكلمة تلكم اللعوب ..
    لا اقوي ألا اقترفهما ..
    كجريمة لا ارادية ...
    جريمة شغف .. كما يسميها الامريكان ..
    Crime of passion
    ووحدهما تحفظان علي روحي ..
    .......................................................................
    لأنه حيادي .. سلمي .. مرتعش ..
    ألقيت قلمي الازرق البارد ..
    ورفعت قلم احمر في وجه تحرشات بياض ورقة .. ملقية .. كفراشة بقميص نوم ارجواني علي فراش عجوز .. قد طلق الشهوة .. المهاجرة .. إلي سائر متعثر .. نحو الهرم ..
    قلم احمر .. بلا مرجعية .. بلا توجه .. بلا حكومات .. ولا حقائق ولا ثوابت ..
    قلم حائر .. عابث .. لا سلطوي .. كفيروس الكتروني هائج بلا برمجة .. ولا مخطط ..
    كثائر بلا اجندة ..
    كقديس بلا ديانة ...
    تركت قلمي الازرق الذي يكتبني عنوة ..
    واخرجت احمر من حقيبة الذكري ..
    بل من قبور الأنا في الباحة الخلفية للتجمل ..
    قلم طواعي التقيؤ .. طواعي الانتحار ..
    اختياري الخطا .. والخطأ ..
    قلم غير انتقائي الحرف ..
    قلم لامقيد بغطاء ..
    فالغطاء يا سادة .. كضمادة تحفظ الاقلام من نزيف الحبر ..
    والاحمر يعشق النزف ..
    فالاحمر لا يكون بلا نزيف ..
    قلم لا مقيد بحروف لغتك يا فتي .. بلا لغة ..  بلا معني .. بلا نغمة ..
    قلم قديم .. قدم الألم .. طويل كارتفاعات الهاوية .. إلا قليلا ..
    لئلا يسمح بانتشالك ..
    لكنه يسمح لهم .. أن يروك .. تستغيث ..
    امسكت قلمي الاحمر الغاضب ... من الهروب .. من الخوف العقيم ...
    من استسلامي القديم ..
    وخططت جملة وحيدة .. كوحدتي ..
    بل خط بي هو جملة .. وحيدة ..
    كوحدته ..
    وتلاشي ..
    " إذا لم يسعك كونك يافتي .. فلتسعك قصيدتك
    وإذا لم تجد لك في الأرض قبراً ..
    فتواري .. في مرثيتك ..... "

احجيات 2


  1.  
  2. احيانا ندعي التوبة .. الرجوع .. الاقلاع .. تتنزل دموعنا ندماً علي طول بقاءنا علي الذنوب
  3. ولكن اثناء تعمقنا في توبتنا .. نكتشف أنها احيانا لم تكن سوي .. عن .. ملل ..و سأم .. من الذنب ..
    فالذنوب تصير احيانا حين اعتيادها كالإيمان .. لها فتور .. وملل ..
    فهل تكون توبتنا احيانا في حقيقتها .. فتور عصياني ؟؟!!!
    لا يلبث أن يكون له شرة .. وحماسه من جديد ..
  4. لو كان الإيمان يزيد وينقص .. وكذلك العصيان يزيد وينقص ..
  5. وان كانت للطاعات شرة (حماسة) وفترة (فتور) .. وكذلك للذنوب ..
    فعلي أيهما حقيقتنا ..
    وكيف يمكن أن نثق بطاعاتنا ولا نعتبرها .. مجرد فتور عصياني ؟؟!!
    ولكن الحقيقة أن احدهما يغلب لابد .. احدهما حقيقتك والآخر استثناءك ..
    ألم تفهم عمق قول النبي :"لكل أمر شرة وفترة .. فمن كانت فترته إلي سنتي فليحمد الله "
    ايهما حقيقتك ؟؟!! .. وقبل أن تجيب : هل ستتأثر اجابتك بحالتك الآن (الفتور والحماسه لأيهما ) ؟؟!!
  6. ...................................................................................................................................
  7. اذا كنت ممن ابتلاهم الله بالتمركز حول ذواتهم .. وتعظيم انفسهم .. وتضخمت لديك تلك "الأنا"
  8. فأيهما أكثر خيراً .. أن تعمل في معسكر الله .. في جيش الحق ..حتي وان كنت مدخول النية عاملاً من اجل القيادة .. ونيتك مشوبة بتعظيم اسمك ..
    أم تترك جيش الحق بأكمله .. طعنا في نيتك .. واخلاصا لله ..
    وربما حينها سقطت في احد أمرين ..:
    ان تظل تعمل من اجل نفسك ولكن في مكان بعيد عن جيش الحق .. وليكن من اجل مكانة دنيوية بحتة (مباحة) ..
    أو أن تسقط في براثن معسكر الشر .. يأسروك .. أو يغروك .. او تفتن .. بالعمل لديهم ..
    فتري أيهما خير .. منافق مدخول النية صالح الظاهر قبيح السر ينافح عن دين الله بمواهبه ..
    أم هو هو  كصادق في ترك معسكر الحق لأنه شعر بنفاقه .. وانتمي لجيش السواد منافحاً عن الباطل ولكنه قد صدق في اعتزاله ؟؟!! ..
    وهل سمعت قول النبي عن خالد يغريه بالإسلام :
    "أو مثل خالد يجهل الإسلام .. والله لو جاءنا لقدمناه علي من سواه "
    " ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني .. ألا في الفتنة سقطوا"
    هل يكسب جيش الحق اذا انضم اليه منافق مفوه .. أو شاعر فاسد السر فاجر الخلوة ولكنه عبقري في الدفاع عن الحق وهجاء الباطل ..
    أم نتركه لجيش الباطل .. لتطابق علانيته سره ؟؟!!
    وستظل تلك احجية ...
    وقبل ان تجيب  :
    في أي المعسكرين أنت الآن ؟؟!!
    .....................................................................................................
    واحجية خاصة:
    هل اعتزلت الدنيا بأسرها .. وتركت كل شيء .. من أجل السلامة .. أم من أجل (السلامة) ؟؟!!!
    ...............................................................
    إن قدر بعض الاسئلة أن تبقي معلقة .. فدعها وما قدر لها ..
    لا تجب ..
    وابق سائرا في ما قدر لك أنت ايضا ..

الأحد، 12 فبراير 2012

حبيبتـــــ(ـــى) ... مشروع بلطجي .. الحلقة الثانية


    كعصا سحرية .. بل موسوية .. فلم يكن وجودها خداعا .. بل كان معجزة بحق ..
    تنزلت بوجودها الصبياني علي القلب كوحي ... كنفحة حياة .. كمسحة نورانية ... كشيء ابيض رائق لا ينتمي لدنيانا ..
    حبيبة .. ذات الأحد عشر ربيعاً ..
    أم من الأدق أن نقول ذات الأحد عشر خريفا ً .. فعمر حبيبة لم يكن مثلنا يحمل ربيعاً ..
    يمكنك القول أن سنوات حياة حبيبة الأحد عشر أخذت من فصول السنة كامل اشواكها .. من جدب خريفها .. وجفاف صيفها .. وقسوة شتاءها ..
    ولكنها لم تأخذ من الربيع سوي التنوع .. ولكنه التنوع ألماً ..
    ذات الأحد عشر ربيعا أصبحت بعقل خمسينية .. ومصطلحات اربعينية .. وحكايا سبعينية مخرفة .. ولكنها كانت في براءة ذات الثلاث سنوات ...
    تشع عينيها البنيتين بريقا صافيا يذيب عنفوان الشر فينا ..
    حبيبة كانت البنت الأكثر ألما ..
    كانت آلامها لا تتناسب نهائيا مع سني عمرها ...
    أمها .. جزائرية مسيحية اسمها (......) .. هربت من بلدها منذ ما يقرب من سبعة عشر عاما .. إلي تونس .. ليستقر بها الحال هنا في مصر ..
    وأمها المنتقبة والتي يبدو عليها امارات الجمال النسبي يشع من خارج نقابها .. ومن ذاك التهافت للرجال عليها كما تحكي دوما .. وهي امرأة في اواخر الثلاثينات .. فما بالك وهي في ريعان جمالها .. عشرينية .. فارة من بلدها ..
    والتقفها ذكران المتأسلمين .. فليسوا رجالا وليسوا مسلمين ..
    تسلمين .. ونكفلك ..
    تسلمين .. ويتزوجك احدنا .. ربما بعقد عرفي .. وربما بعقد رسمي ولكنه سري .. ولست ادري الفارق بينهما سوي في التسمية المذهبية .....!!!
    وذاك واقع لا يمكننا ان نتبرأ منه .. فتلك حكاية .. واقعية ..
    وبعدما رفضت الشابة -التي اسلمت اقتناعا- لا طمعا في زيجة نفعية من حقير ملتح .. بعدما رفضت تلك العروض المتشحة بالجلابيب البيضاء .. واستمر تخبطها اياما عديدة ..
    وجدت زيجة ظنتها مناسبة .. أو ربما يمكننا القول أنه قد انهكها الضياع وتحرش الأعين وتلكم الغربة التي تطل في لكنتها تغري الأنذال بالتودد الخبيث..
    (..ص..) كان الزوج المناسب .. هكذا قال لها (الإخوة في المسجد) ..
    وصاد هذا كان رجلا كويتيا او سعوديا لا ادري تحديدا .. المهم انه كان معاقاً من ذوي الثراء يقضي في بلدنا المشتهر بأشياء ما عند الخليجيين أجازة مؤقتة .. قرر خلالها أن يتزوج زواجا مروريا .. زواج ترانزيت ..
    كانت نتيجته حبيبة ..
    لذا فحبيبة اسمها مصري خليجي واضح ومستغرب علي السامع .. كغرابة قصتها ..
    وبعد ان سافر اتضح الامر برمته .. الشقة مستأجرة .. واخوة المسجد اياهم قد قبضوا ثمن (أم حبيبة ) من الخليجي الغني .. أو ربما كانت لحاهم اثقلت رؤوسهم عن فهم حقيقته ...
    وعادت إلي الشارع .. مثقلة بحمل اكبر .. ذاك الجنين النابت في رحمها ..
    ولم تجد سوي ذات الإخوة المسجديين .. اخوتها في الإسلام كما كانت تظن .. لتلقي نفسها عند احد اولئك الشيوخ ثانية باكية شاكية  ..
    فما كان من الشيخ العلامة سوي ان عرض عليها صفقة زواج اخري منه هو ولكنها رفضتها لسرية العقد ..
    وتنقلت بين المشايخ تعرض شكايتها وكانت قد اتقنت العامية المصرية ونكهة خليجية .. حتي كفل لها أولئك الإخوة زيجة جديدة بعد فترة صغيرة من ولادة حبيبة ..
    وكان الرجل المصري الغليظ .. بلطجي .. ارادوا ان يكفوه عن شره بتزويجه .. ارادوا أن يعفوه عن فجره بتزويجه .. من تلك الغريبة .. فلا احد سيسأل عنها ولا أحد سيعترض ...
    ولم يتوقف عن شره سوي بضعة اشهر .. وعاد إلي جبروته وبلطجته ..
    واستمرت الزيجة بضعة سنوات نتج عنها الكثير من الألم لحبيبة وامها نتيجة العذاب البدني الذي صبه السكير الغاشم عليهما ..
    وطفلين آخرين ..علي ما اعتقد ..
    فروايات حبيبة وامها عن عدد الأزواج والاطفال متداخلة في ذهني حتي اعجز عن احصائهم ..  
    كانت ام حبيبة تحتمل القسوة .. تظنها اقل وطأة من الخروج للشارع ثانية حاملة مزيدا من الأطفال والهموم ربما ..
    ولكن انتهي صبرها .. وعلم الجميع بمدي العناء الذي تتكبده الأم وطفلتها .. ففرقوا بينها وبينه ..
    لتعود إلي فاترينة الشيوخ يعرضونها علي اي شبه رجل يودون اعفافه .. في سوق نخاسة متأسلم _والإسلام براء منهم_ برخص ففقهية عجائبية ..
    لتتزوج أم حبيبة ذات البضع وثلاثين سنة شابا آخر .. كان يجلس معي في ذات الفصل في المدرسة الابتدائية .. شابا لم يتجااوز الخامسة والعشرين ..
    كل ما اعرفه عنه أنني اتواري منه كلما لقيني هربا من تسوله المفرط الدائم لبضعة جنيهات لزوم الدخان ..  
    لارتطم بالصدمة حين تخبرني حبيبة أن ذاك العاطل عشقا للبطالة هو أباها الجديد ..
    أم حبيبة تعمل ليل نهار لكي تنفق علي بيتها وطفلتها .. وزوجها الجديد .. مقابل أن تكون زوجة ربما ..
    أن تخرس السن الناس عنها .. وتغض اعين الشيوخ عن التحرش بها ..
    أم حبيبة يطل دوما من عينيها البارزتين من تحت النقاب .. غضب مختلط بشكاية ..
    أما حبيبة ذات الأحد عشر ربيعا فقد عانت بما يكفي ليتأخر نموها العقلي .. والنفسي ..
    اصبحت دائمة الخوف .. كثيرة الصراخ بلا سبب ..
    اصبحت لا تدري من الاحرف سوي رسم اسمها .. رسما لا كتابة ..
    لا تدري من الارقام سوي اصبعين تشير بهما إلي عمرها ...
    ولا تدري من الدنيا سوي المعاناة ..
    والتقينا ..
    رأيت قصة طويلة في عينيها .. علمت أن تلك المرتعشة الباسمة هناك تحمل وجعا ما ..
    قصة فتاة وفتاة .. جزائرية اسلمت .. وسلمها اخوتها إلي الظلام ..
    وصغيرة .. جنت ما اقترفه آخرون ..
    وانخرطت بشدة معهما .. حتي صار الأمر اصعب من احتمالنا جميعا ..
    وصار العجز اقوي من محاولات التسكين والمداواة ..
    تعلمت حبيبة بضعة أحرف ..
    وتعلمت أن تكتب اسمي ..
    تكتبه لا ترسمه ..
    لا زلت اذكر شرودها اثناء كشفي علي المرضي في العيادة ..
    كانت ترسم ...
    وردة .. او شبه وردة ..
    فتاة .. او شبه فتاة ..
    قطة .. او شبه قطة ..
    لم ازل احمل بعض شخبطاتها علي دفتر الروشتات ..
    ولم ازل احمل صورتها ...
    وكالعادة تورطت في قصة أقسي من احتمالي .. اقسي من عجزي ..
    قصة لأناس يحيون المعاناة كل يوم .. حتي ألفوها ..
    حتي اصبحت حكايتها للغرباء امثالي تجعلهم يشعرون بها اكثر ...
    اصبحت مشاركة الغرباء لآلامهم .. توجعهم اكثر ..
    استطاعت حبيبة أن تمنحني بعض الحياة .. 
    كثير من السعادة ..
    مسحات من السلام الداخلي ببراءتها ..
    استطاعت طلاء جدران روحي بدهانات الصفاء فيها ..
     ولكني....
    هربت .. انسحبت .. استقلت .. كالعادة ..
    ولكنها كانت اكثر غضبا من الكون ومني ..
    حتي انها لم تشأ أن تمد يدها بالسلام حينما عرفت أنه اخر يوم لي في تلك العيادة ..
    ورأيت كثير من اللوم في عينيها ..
    لوم لم يزل يؤرقني ..
    ربما يخففه قليلا . ان اكتب عنها .. ....  4 ديسمبر 2011 يتبع