أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 يوليو 2013

محاباة الرجل في الإسلام .. حقيقة (الحلقة الأولي 1)



 .. 
...........................................................................................

الطرفان كالعادة متطرفان .. وهكذا الحال دوما .. فما الطرفية والتطرف إلا جذر لغوي واحد .. ففي كل صراع فكري تجد الحق غائب بين تطرفات الفريقين .. وهكذا الحال في اشكالية المرأة والإسلام ..

طرف يغالي في مهاجمة الإسلام .. ويري محاباة الرجل علي المرأة في تشريعاته قد فاقت الحد .. بل ويؤول ويعيد تشكيل النصوص والأحكام بما يخدم نظريته الهجومية ..
وطرف ساذج اخر يغالي في الدفاع عن الإسلام .. فيلوي ايضا اعناق النصوص ليبرأ الفقه الإسلامي من جريمة الانحياز الذكوري المدعاة .. فيغالي في التغني بالتكريم الاسلامي للمرآة لعله يخفف وطأة الهجوم .. يستحي ان يعلن (نعم .. هناك نوع من المحاباة للرجل علي حساب المرأة في التشريع الإسلامي)

يجب ان اكون صادقا وصريحا (علي ان تكمل مقالي لنهايته) واقول أن من الانصاف الإعلان عن محاباة التشريع الإسلامي للرجل أمام المرأة ..
ولابد لنا أن نفرق في البداية بين نوعين من المحاباة .. المحاباة الأصيلة (القرآنية) .. والمحاباة التاريخية (الفقهية والتشريعية في مرحلة ما بعد النبوة) ..
ونقول ان هناك الكثير من الجور قد صدر من جانب الفقه الإسلامي والتشريع ما بعد النبوي (منذ بداية عصر التدوين وإمارة بني امية ونشـأة المذاهب) .. والحق أن القرآن برئ من هذا الجور (الإجتهادي) الذي يجب ان يفهم في نسقه التاريخي وحقبته الزمنية .. ولسنا هنا بصدد الحديث عن تنقية الفقه الإسلامي وانقاذ الإسلام من المسلمين والمتأسلمين ...
إنما أنا اتحدث عن المحاباة الأصلية .. القرآنية .. البيضاء .. التي اعلنتها الآية صريحة (وللرجال عليهن درجة ) ..
نعم هي درجة وحيدة .. لقرآن طالما استخدم لفظة (درجات) في مفاضلات اخري .. وللأسف كان التطبيق لهذه الدرجة الأصلية كثير وكثير من الدرجات الجورية الظالمة ..
ونقول ياسادة .. ان التشريع الرباني ليس فقط القرآني والإسلامي قد منح الرجال درجة علي النساء ..
ولكن هذه الدرجة تشريعية لا طبيعية تفضيلية ...
ولكي نفهم طبيعة هذه الدرجة التشريعية لابد أن تفهم في سياقها الكوني العام لا التشريعي فحسب ..
الله .. هو خالق الكون الطبيعي .. هو ذاته صاحب القانون التشريعي ..
الله حين خلق المرأة منحها درجة تفضيلية طبيعية .. (الأنوثة مانحة الحياة) .. الأنوثة حاملة الحياة .. الأنوثة ضرورة كونية لاستمرار النوع .. (اثبت العلم بالاستنساخ ان الانثي هي الأصل والضرورة والذكر عرض هام لكنه ليس ضرورة استمرارية .. فالعلم يحتاج انثي فقط لصناعة حياة جديدة ) ..
الطبيعة تميل إلي التأنيث .. فخروجا من قانون الاحتمالات لابد أن تفضل الطبيعة (من منطلق دارويني تطوري بحت) الأنوثة علي الذكورة تفضيلا طفيفا (درجة) لاستمرار النوع ..
لذا لا عجب ان نجد تأنيث كل ما اتصل بالحياة في اللاوعي الجمعي الانساني منذ الأزل .. فالحياة مؤنثة.. والشمس .. والأرض .. حتي في اللغاات التي لا تقبل لسانيتها تأنيث الجمادات تجد في خلفية ذهن المتحدث تأنيثا عجائبيا لهذه الجمادات رغم حيادية لغته ..
SUN .. EARTH .. LIFE
وكانت الطبيعة الأم ذاتها انثي .. MOTHER NATURE .. MOTHER EARTH
ولاعجب ايضا في أن نجد اقواما قد عبدوا الأنوثة ممثلة في الرحم WOMB  وفي الفرج النثوي ..
ولسنا ايضا هنا بصدد الخوض في الأدلة العلمية والضرورات التطورية للتفضيل (الطبيعي ) للأنثي .. يكفينا انثروبولجيا اللغة ..
تفضيل كان ولابد في اكثر الفرضيات (بدون الرسالات الربانية) أن يفضي إلي تأنيث كل شيء .. إلي هيمنة انثوية عظمي علي الكون .. بل والذهن البشري بأسره .. من تأنيث الآلهة .. إلي تأليه الأنثي ..
لذا جاء التشريع الرباني .. (الجناح الآخر للقيومية الربانية علي الكون .. جناح الخلق الطبيعي .. وجناح التشريع) .. يوازن هذه الدرجة التفضيلية الطبيعية للتأنيث .. بدرجة توازنية تشريعية للذكورة .. حفاظا ايضا علي التوازن الجمعي الكوني العام ..
(لا تتمنوا ما فضل الله بعضكم علي بعض .. للرجال نصيب .. وللنساء نصيب)
هذه الآية تقر بأن كلا مفضل من جهة .. وتوزيع الأنصبة يقر بالتوازنية ..
للرجال نصيب من الفضل (الدرجة التشريعية ) .. وللنساء نصيب من الفضل (الدرجة الخلقية)
تتجلي الصورة في مريم (الطبيعة) .. مانحة الوجود لعيسي (التشريع) .. بدون تدخل ذكوري ..
ولن نخوض اكثر في رمزية الأنثي في حاملي الرسالات الربانية من أم موسي ومريم وحواء وامرآة نوح ولوط .. فهذا امر يطول ...
لذا فمحاولة فهم الألوهية بمنأي عن الربوبية محاولة عابثة سطحية ساذجة .. ومحاولة فهم الجانب التشريعي من قيومية الله علي الكون بمعزل عن الجانب الخلقي الطبيعي من قيوميته .. هو ايضا نوع من الانتحار الذهني ..
انا هنا لا اتحدث سوي عن درجة تفضيلية تشريعية موجودة وانكارها نوع من الحمق والنزق .. تقابل درجة تفضليلة طبيعية موجودة محسوسة وحدسية ولازمة تطورية .. في كون موزون .. لإله حكيم ..

تلك مقدمة لازمة قبل الخوض في الجانب التشريعي .. ومحاولة فهم وضع المرأة فيه ..
اتمني ان تكون وصلت الفكرة الأولي قبل أن اشرع بتفصيل الإشكالات التشريعية .. 

الخلاصة : محاباة الرجل تشريعا .. كانت ضرورة اتزانية لمحاباة المرأة خلقا .. 


السبت، 13 يوليو 2013

العلم اللدني ... (سجناء الظاهر)





لا عجب ان قصة موسي والخضر عليهما السلام .. من أكثر القصص التي تجذبنا أحداثها الغرائبية في القرآن .. وأنا فقط أحببت أن أنوه علي بضعة اشارات لطيفة خفية فيها ...

  • عدم اختصاص العلم بالنبوة .. فالعلم اللدني حمله العبد الصالح (الولي) ولم يحمله النبي .. لذا فالنبي ليس بالضرورة أن يكون قد بلغ اقصي الأمد في كل المجالات والأفق وأن مجاوزة عبد من عباد الله لنبي من انبياءه في حقل ما أمر جائز وممكن ولا يقدح في النبوة أو الرسالة .. إنما الأنبياء يصلون الغايات فيما يصب في التبليغ والدعوة وأليات حمل الرسالة وقيادة الأمم وليس بالضرورة في كل المناحي .. فالنبي في النهاية بشر والبشر محدودون .. ولكن يوسع الله تلك الحدود في آليات الوحي وحمل الرسالة .. وفيما عاداها يبقي بشريا بمحدوديته ..؟ (انما أنا بشر مثلكم يوحي إلي )


  • العلم اللدني ذاك ممكن التعليم .. وإلا لكانت رحلة موسي إلي الخضر رحلة عبثية .. وسؤاله أن يعلمه سؤال نزقيا .. وحاشاه  عليه السلام .. وإجابة الخضر بالإيجاب تؤكد علي معقولية وامكانية تعلم العلم اللدني (المجاوز لعلم الأنبياء أنفسهم)  ..
  • ولكن تبقي هنا اشارة هامة .. أن تعلم هذا العلم اللدني لا يكون بالتلقي .. ولا يندرج تحت اساليب التعلم العادية أو آليات المعرفة (الابستمولجيا) المتعارف عليها .. والدليل أن رغم موافقة الخضر علي تعليم موسي إلا أنه اشترط عليه عدم السؤال .. والسؤال كما هو معروف هو مبدأ أليات العلم الاعتيادي ..
  • ذاك العلم اللدني هو علم تجربة ومسير .. علم رحلة وصبر .. علم فهم عن الله في الأحداث .. علم لا يخضع لأساليب التعلم العادية .. علم لا تنهله من كتاب ولا يخرج من سؤال (او بحث علي جوجل) ... علم مبدأه الصبر .. وقل مريديه وعالميه .. فلا عجب ألا يجد موسي مع الخضر تلاميذ آخرين رغم كونه الأعلم علي الأرض كما تقول الرواية .. ولا عجب أن يفشل موسي (التلميذ المعاصر الوحيد) في أن يكون تلميذا أو أن يقترب خطوة من بدأ تحصيل العلم ذاته ..
  •  ياسادة هناك علم مجاوز لعلم الأنبياء أنفسهم .. علم ممكن التعليم ..
  • مفهوم الولاية المغلوط لدينا .. فلا خوارق للعادات تمت علي يد الخضر .. فقد كسر المركب وبني الجدار وقتل الغلام بيد وفعل وجهد بشري عادي ولكن يحركه علم مجاوز للواقع .. فليس بالضرورة ان تجري علي يد الولي خوارق العادات .. وكم من ولي كان في عين الناس مجرما .. مجاوزا للأطر والأعراف والقواعد .. والمنطق ..  



اللهم اتنا رحمة من عندك وعلمنا من لدنك علما ..

الأربعاء، 12 يونيو 2013

التعادلية الانفعالية


ربما هي ما سعي إليه الفلاسفة .. والأنبياء .. والمصلحين .. بل ما سعي إليه الإنسان في كل مراحل تطوره .. 
تلك الحالة من السكينة التي ذقناها للحظات جميعا .. واستطاع آخرون أن يبقوا عليها ويختفظوا بها ويوقفوا الزمن عندها ..
سماها ابيقور الاتراكسيا .. حالة السكينة المجردة من الانفعال .. 
وسماها بوذا النيرفانا .. 
وسماها الصوفية حال الفناء في الله .. بغياب شهود ما سواه حتي العبد نفسه ..

تلكم الحالة من التعادل الانفعالي .. فلا حب ولا كره .. لا غضب ولا حزن .. وكذلك لا سرور ولا فرحة .. 
الانفعالات حالات مؤقتة .. كيمياء زائفة .. 
إنما التعادلية هي الحالة الاكثر ا\ثباتا إن فقهناها .. 
التعادلية ازاء الأحداث الكونية بأسرها .. امام كل المواقف الحياتية .. امام الاشياء والاشخاص .. 
لا حب ولا كره .. لا انفعال .. 
يمكننا القول أنها غاية العبودية .. وكأن انفعالاتنا كلها .. طاقة القلب بجميعه توجهت لله .. فلم يعد لديه مزيد طاقة ليحب غيره .. لذا وإن خامره شعور الحب كان خروجا من حب الله .. تفريعة صغيرة لشجرة حب الله .. لذا سميت الحب في الله والبغض في الله .. 

يلخص الله هذه الحالة من التقبل الكامل لكل احداث الكون وظواهره ومواقفه واشياءه وشخوصه .. في آيات بسيطة الظاهرة عميقة شديدة عمق الباطن .. قادرة فعلا علي تغيير حياتك ومزاجك ومشكلاتك بأسرها .. 

"وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم" 

وتلكم هي المرحلة الأولي .. أن يحدث الانفعال منا .. الحكم العاطفي علي الأشياء .. ولكن يختار الإنسان تجاهله إيمنانا بالحكمة الخفية .. والعناية الغيبية .. حتي في خضم الفرح نلمح هنا بصيص حذر خفي بعدم الإفراط حبا وسرورا لربما كان خفي الغيب يحمل من نفس ما أحببنا ما نكره ونحذر ..
المرحلة الأولي .. مرحلة القبول للنقائض .. استشفاف الحكمة القدرية في خلفية الأحداث .. وتجاهل الانفعال الزائف فينا ..

"لكيلا لا تأسوا علي ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم"
وتلكم هي الغاية القصوي .. والدرجة الكبري .. اعتاد القلب علي تجاهل الانفعال والتمسك بخفي الحكمة واللطف والتقدير .. فلم يعد ينفعل .. اصبح كالريشة بين يدي رياح القدر الحاني يوجهها حيث يشاء .. كسفينة بلا دفة عائمة بين أمواج العناية الخفية ترسو حيث شاءت الحكمة ..  
حالة التعادلية التامة .. يأتي ما يأتي ويذهب ما يذهب ... القلب كجبل في المحيط .. ينفعل علي سطحه من الموج ما ينفعل .. والعمق ساكن ثابت لا يهتز ,,
حالة غياب كامل عن شهود ما يحدث .. غياب كامل عن الكون بخلائقه وأحداثه .. ع\غياب كامل في الله وحكمته ..
ولا عجب .. فإن الكون مخلوق .. محدث .. مجبول علي التغير .. فمن اتصل به وارتبط به وقامت عليه انفعالاته .. فلابد أن يكون مثله مضطربا .. متغيراً .. متوتراً ..
والله القديم الأزلي المطلق .. الخال الموجد الذي لايجوز عليه التغير .. ولا تطرأ عليه الحوادث .. فمن اتصل به .. وارتكز في وجوده عليه .. واستمد منه كينونته .. لا عجب ألا يهتز .. ألا تصيبه عمق روحه الحوادث .. وأن يفيض ذلكم الثبات المستمد من ثبات المولي علي انفعالاته فتسكن .. 
وتلكم هي حالة الاتصال الكبري بالله .. فناء الانسان عن كل شيء .. حتي عن نفسه .. فناءه عن كل ما سوي الله .. فكيف به تعتريه الانفعالات الزائفة ..
بل إنه يفني حتي عن تلك اللذة التي تمنحه إياه هذه الحالة .. وهي ليست لذة انفعالية زائفة .. إنما هي احدي حواس الروح تتفتح .. لا تمت لحواس الجسد ل\بصلة .. ولا يملك لها العقل وصفاً ..

فاللهم ادخلنا عليك .. وخذ بنواصينا إليك ..


الجمعة، 7 يونيو 2013

الإسلام ليس ديننا (1)ـ .. Islam is not our religion



من أين ابدأ .. ابدأ بأن أقول ان ما هو آت ليس نسقاً مرتبا ..إنما حالة اعتقادية اتمني أن تصلك خرزاتها علي تفرقها فتنتظم في قلبك وروحك عقداً يتلبسك يافتي .. أتمناك تموت علي هذا .. وتلقي الله علي هذا .. وتتعبد لله في الكون بهذا ...

* إن الله لم يختر اسماً لأياً من شرائعه الخاصة .. أو رسالته المنزلة علي أنبياءه .. ولم يدمغ ملصقاً أو عنواناً لأياً من الرسالات الإصلاحية التي حملها الأنبياء علي مر التاريخ لشعوبهم .. اقصد لشعوب الله ..
إنما من اعطي الأسماء هو الاتفاق العام .. محض الاتفاق .. الذي لم يكن هناك غضاضة في استعماله حتي في الشرائع التالية ذاتها ..
فاليهودية مثلا لم يسمها الله بذلك .. إنما يوماً حين قالوا إنا هدنا إليك .. قال عنهم الذين هادوا .. فسموا يهودا .. وسميت يهودية ..
ولكن ذاك الاسم لم يكن معمولا به في تلك الشريعة ذاتها .. ولم يستعمله موسي وإنما استعمل من بعده دلالة علي اتباعه ..

وإن مشكلتنا الحقيقية الحالية هي مشكلة أسماء ومسميات ... لا مشكلة تصورات أو اعتقاديات فعلية ..

والمسيحية .. لم يطلق عليها ربها هذا الاسم .. ولم يرسل عيسي عليه السلام حاملا دمغة المسيحية .. فقط جاء بدين الله .. ثم اطلق علي اتباعه من بعده اسم المسيحيين .. كاتباع عيسي ...
تماما كما اطلق علي اتباع ماركس .الماركسيين .. وعلي ايدولوجيته الماركسية .. والكل يوقن أن ماركس لم ينزل كتابا بعنوان الماركسية يشره فيه اتجاه الفكري وإلا لألقي في المزابل .. وإنما أخرج فكره مجرداً من ذاك الاسم الذي خصص به اتباعه بعده ..

إن الدين عند الله ليس نسخاً versions .. يحدثها الله كل فترة من الزمان كويندوز .. يوما ميلينيوم .. ويما اكس بي .. ويما فيستا .. ويوما سفن .. ليس يوما يهودية .. ثم ينزل بين طياتها ترقبوا الاصدار الجديد لدين الله المسيحية ..
وهو ليس طبعات منقحة من تشريع كتابي يتلافي فيها أخطاءاً حاشاه سبحانه ..
وليس كذلك مجموعة من الطرق .. والتصورات المتابينة وان اتفقت في الغاية النهائية والمبادئ العامة .. تحمل كل طريقة اسم ممثلها وشيخها ونبيها .. فتلك الطريقة الموسوية .. وتلك عيسوية .. وتلك محمدية ..

والأهم من ذلك كله .. إن الدين الذي آتي به محمد .. لا يسمي الإسلام ..
أو بوجه أدق .. ليس الإسلام هو دين محمد وأتباعه  خاصة ..
الإسلام ليس ديننا ..
ليس نفياً عن كوننا من اتباع الإسلام .. بل نفيا لانتماء الإسلام إلينا .. نفيا لاختصاصنا به .. نفيا لاتباع الإسلام لنا ..
نفيا أن يكون الإسلام هو دين محمد وأتباعه .. وغيرهم ليسوا مسلمين ..
بمعني ليس ديننا وحدنا .. إنما دين للبشرية جمعاء .. وليست أمة الإسلام وصفا يطلق علي طائفة دون غيرها .. إنما علي كل بشري .. عفواً بل وغير بشري..

إن الإسلام هو الاسم الوحيد الذي اطلقه الله علي دينه .. علي رسالته للبشر .. علي التصور السليم للحياة .. علي شريعته ..
الإسلام هو الاسم الذي اطلقه الله علي حالة الاتصال به .. والتلقي عنه .. والإيمان بما أرسل به أنبياءه علي مر العصور ..

فبالتالي .. ليس من حق اتباع النبي محمد صلي الله عليه وسلم وأنا أشرف بكوني منهم .. ان يستأثروا بالوصف وحدهم .. ويمنعوه عن خلق الله ..
"إن الدين عند الله الإسلام " "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"
الإسلام هو معني الدين عند الله .. هو ما يتقبله الله من البشر ولا شيء غيره .. هو التصور الوحيد المقبول من قبل السماء .. ولكن هذا الإسلام ليس بعينه الرسالة المحمدية دون غيرها ..
الرسالة المحمدية هي الإسلام والمسيحية هي الإسلام واليهودية هي الإسلام .. وليس الإسلام هو الرسالة المحمدية بعينها .. أو المسيحية بعينها .. او اليهودية بعينها ..

الرسائل السماوية لم تكن ترجمات للإسلام ذاك .. او تدريجا نحو التنزيل النهائي .. أو النسخة الأخيرة منه ..
إنما جميعها كانت وسائل للوصول إلي تلك الحالة حالة الإسلام ..
فلم يكن موسي وشريعته وكتابه واليهودية إلا وسيلة لادخال البشر في دين الله .. وسيلة لإحالتهم لحالة الإسلام .. لا مسمي الإسلام ..
ولم يكن عيسي وشريعته وكتابه دعوة إلي ديانة بعينة .. أو تحديثاً للشريعة الموسوية أو نطاقاً جديدا من التدريج .. إنما فقط وسيلة لادخال جموع أخري من البشر إلي حالة الإسلام تلك ..
فليس الإسلام لقب يرفع علي أحد أو ينزع منه ..
ليس كارنيها يوجب لك دخول الجنة .. ويمنع حراسها كل من لا يحمله ..
الإسلام حالة اعتقادية مدوية الأثر .. فاعلية تصورية مميزة .. ليس قولا أو اثنين .. ليس شعائر حركية .. أو التزامات مالية .. أو اتباع تشريعي لشريعة أو لغيرها ..
إنما كل ذاك وسائل إحالة لتلك الحالة ..
لتلك المظلة التي يدخل تحتها الكثيرين دون اعتبار لخانة الديانة .. ويخرج منها الكثيرين دون اعتبار أيضا لخانة الديانة ..
إن السماء لا تلقي بالا لمحافظكم وبطاقات هوياتكم ..
بل إن السماء لا تعترف بأسماءكم ذاتها .. فاسماءكم لم تكن إلا استحسانا من ذويكم لنغمة صوتية وحرفية بعينها الصقوها عليكم ليميزوكم عن غيركم لتسهيل الحياة ..
أما الله فحاشاه أن يطلق عليكم الأسماء .. أو يحتاجها ليميزكم .. "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "
وكذا تلك الخانات الأخري في بطاقات هوياتكم .. بل صوركم .. وأجسامكم .. أموالكم .. مكاناتكم ..
السماء لا تعبأ إلا بقلوبكم .. لا ينظر الله إلا إلي قلبوكم وأعمالكم ...

إن الإسلام هو الجامع .. الرابط .. المآل .. الجوهر .. الحقيقة النهائية .. لكل الرسالات ..

الأخلاقي .. واللا أخلاقي


ذلك ما كنت اعتقده واحياه من قبل .. حتي في ذروة التزامي الديني لم تتغير نظرتي للأخلاق ..

كنت أري الأخلاق نسبية تماما .. بل اراها احيانا حماقة مستترة .. نزق وهبل .. تمسكم باللاشيء .. بل كنت ادعم نظرتي للأخلاق بتأويلات دينية حول نسبية الصدق والكذب في الأسلام .. نسبية الحب والتعددية .. نسبية الوفاء ... 

كنت أري ان اللاأخلاقية لا تتعارض بحال مع الاتصال بالله أو الحياة الكريمة .. فإن الله لم يدعنا إلي أخلاقية منطلقة أو مثالية .. إنما دعانا إلي مايترتب عليه الفعل الأخلاقي من نفع أما إذا وقع منه ضرر او خسارة فلا بأس بالفعل المضاد .. ذاك ما كنت أراه .. 

لا اتذكر أني عشت يوما واحدا كائنا أخلاقيا .. أو أني فعلت فعلا واحداً للخير في ذاته .. كنت نفعيا في أخلاقية مقنعة .. ونفعيا ايضا في لا أخلاقية بوهيمية مستترة .. 
اعشق الفوضي والسنكحة والبوهيمية .. امرء بلا ثوابت ولا مبادئ .. لم يكن لدي ما اتكئ عليه ابدا .. إلا في احسن حالاتي وهو ايمان بالله .. ولكنه كإيمان الحجاج بن يوسف .. ولكني كنت اتجرد من إيماني في كل فعل لا أخلاقي اتيه .. وكانت الحقيقة ان كل افعالي هي في النهاية لا أخلاقية .. ولايزني الزاني وهو مؤمن .. ولا يسرق السارق وهو مؤمن .. 

لذا لم يكن إيماني أو التزامي طويل العمر ابداً .. كان هناك شيئا ناقصا في منظومتي .. ولكني كنت ارفض ابداً أن اعترف أنه الأخلاق ..

كنت محبا لنيتشة .. وهاوس .. معجبا بفرويد ... متيما بالخيام .. وبودلير .. مشدوها ببيكاسو .. ودالي .. 

كنت أري شيئا ساحرا في الفوضي واللاسلطوية (الأناركية) .. شيئا ما يجذبني في اللانظام واللامبدأ والعدمية.. كنت احلم بفوضوية إيمانية ... وأني يكون لي هذا ؟؟!

إلا أن الله يأبي أن يتم الإيمان دون التناسق الذاتي .. ويأبي أن يكون التناسق دون الأخلاق .. الأخلاق المثالية المحضة .. أخلاق بلا نفعية ولا سببية .. 
أخلاق .. كارما .. مثل .. مطلقة .. 

لا أدري كيف .. ولكن قد بدأت الأخلاق تتسرب إلي داخلي ببطء .. بدأ يتشكل داخلي جنين من ضمير .. جنين عجيب اشعر بوخزاته اللذيذة .. 
اصبحت صادقا لمجرد الصدق لا لأحصل علي تعاطف أو مكسب قريب .. اصبحت وفيا لمجرد الوفاء فصار الحب أجمل كثيراً بالوفاء .. اشعر بتحرر من الآثار المترتبة علي الفعل فليكن ما يكون أنا سأفعل ما ينبغي أن يفعل .. وتلك لذة أخري .. مرحلة عجيبة من النمو الانساني لم امر بها من قبل .. 
الأجمل من هذا .. أنني لم اعد أري عناءا في الفعل الأخلاقي .. لا اري فيه جهاداً .. وكأنه صار مني .. نتيجة منطقية لمنظومة الإيمان الكلية الشاملة .. فصار الفعل الأخلاقي يقترب من الفعل الآلي اللاارادي داخلي ..!!!

العجيب كل العجب ..
أنني صرت اسعد . .. اكثر راحة .. واستقرارا ..

فلتحيا الأخلاق .. وسأفتقد البوهيمية القديمة ..

ابحث الآن عن اسما جديداً .. 
فلم تعد السنكوحية تليق بي ..

الاثنين، 20 مايو 2013

نعم دقيقة .. ونقم ميكرسكوبية


اذا اراد الله لعبد خيرا .. رزقه الفهم عنه .. 
الفهم .. أن تري الحكمة تسبح في خلفيات الأحداث .. والعناية تتحكم في خيوط المواقف الحياتية اليومية ..
ان تدرك وتوقن ويتعمق لديك الشعورباصورة العامة والخطة الكبري والحبكة الروائية الدقيقة لمشاهد حياتك البسيطة .. 
المؤمن هو ذاك الذي نبع من ايمانه واتصاله بالقوة المطلقة المدبرة للكون كل افعاله .. بل وترجمته الفورية لحوادث الكون صغيرة وكبيرة .. 
ليس عند الله صغيرا وكبيرا .. إنما هي مقاييسنا نحن .. تمييزات عقولنا المحدودة القاصرة ..

إنما الله لا يعزب عن علمه صغيرا وكبيرا .. الذر والذراري عنده سواء .. لا يحتاج الله ليشحن قواه حتي يخلق جبلاً أو فأرا .. الكل واقع تحت طائلة كن .. فيكون .. 
المؤمن الموقن بتدبير الله للأمر كله .. والشأن بأسره .. وقيوميته علي الحياة بدقائقها الصغيرة .. وقفزاتها الكبيرة .. عنايته الشمولية الحكيمة في الكوارث الكونية .. وفي التعثرات الصغيرة لأرجلنا علي السلالم .. 

هكذا حقيقة الايمان ان تري يد الله تعمل في كل انفاسك .. ومن يومك في كل لحظاته .. 


ولكننا قصرنا في فهمنا عن الله بأنعامه وارزاقه علي النقود وبعض التملكات والمنح (الكبيرة في ادراكنا) .. وعجزعن الاحاطة بمفهوم نقمه إلا عن الكوارث والمصائب والبلاءات (الكبري في اذهاننا نحن)  المغيرة لهارمونيا الحياة العادية ..

والأمر اكثر اتساعا من هذا كثيراً .. 
فنعم الله قد تكون دقيقة .. بسيطة .. حد التغافل عن كونها نعمة .. أو التناسي عن احتسابها من رزق اليوم ..
فكلمة ثناء تحيل ارهاق اليوم طاقة هي نعمة ورزق .. ابتسامة طفل تنسيك همومك ساعة هي نعمة ولطيفة ومنحة وربتة ربانية .. نصيحة حانية توسع افاق نظرتك هي رزق .. طعام تستلذه لا ينغصه عليك قلق او توتر او ترقب او نقص بالملح او زيادته هو رزق علي رزق .. فليس طعامك وحده رزقا وإنما حالة تناوله .. ظروف مضغه .. بل سهولة اخراجه .. وبركة اشباعه كل اولئكم ارزاق فوق رزقه .. كوب الشراب دون شرقة هو رزق بالشراب ورزق بالحفظ ... فآلاف الخلق يموتون يوميا حول العالم من شرقة بلقمة .. 

اشارة تفتح لك سريعا .. حاجة حكومية تنتهي دون عناء هي رزق ايضا .. 


وعلي الجانب الآخر .. فكم نعاقب في يومنا بنقم دقيقة .. ومنغصات ميكرسكوبية تفسد علينا يومنا .. جهاز يتعطل .. سيارة تتخبط وهي واقفة في ركنتها بحيادية .. تعثر بسجادة .. الاشياء تنكسر من حولنا بغرابة ... هي نقم وبلاءات قد لاتري بالعين المجردة تحتاج إلي ميكرسكوب ومجهر البصيرة ليتطلع علي حكمتها الخفية .. ومستقبلات خاصة تري هزات الإفاقة الشفيفة وراء تلكم المواقف التافهة في نظر السطحي . 

فلتفهم عن الله .. ولتتصل به في كل لحظة ..
إن السير إلي الله ليس خطوات لمسجد .. وليست حركات صلاة .. فلا مسافة بينكما لتقطعها .. انما السير سير القلب .. والقلب يسير بفكرة .. بخاطر .. بندم .. برجاء .. 
فكم من مهرول بين الصفا والمروة لم يقترب خطوة .. وكم من مضجع يقطع نحو الله اشوطاً ويسبق في وصوله ملايين السائرين ..

وأول السير الفهم .. 
فلتوسع فهمك المحدود عله يأتي بقبس من الحكمة المطلقة .. 
إنما المحدودية نجس .. وتوسيع الفهم تطهر عنه للدخول إلي حضرة المطلق .. 

فاللهم ارزقنا الفهم عنك .. 

IT IS NOT ABOUT HOW IT APPEARS .. it is all about how u see it 


السبت، 11 مايو 2013

مغمض وماشي بالمقلوب .. (من وحي حكم ابن عطاء)

يقول ابن عطاء الله: اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لَكَ وَتَقصيرُكَ فيما طُلِبَ مِنْكَ دَليلٌ عَلى انْطِماسِ البَصيرَةِ مِنْكَ



اتعلم ذاك الشعور الصادق الذي يملأك احيانا .. بأن حياتك اصعب من أن تديرها بنفسك ..
قبل ان تحمد الله علي وجودنا .. ينبغي علينا ان نحمده علي وجوده هو ..!!
فدون الله لانتهي الأمر بالبشر جميعهم إلي الجنون أو الانتحار .. بل إن ما يحفظ علي الملحدين عقولهم هو تلك القيم الدينية الرقيقة التي تسربت إليهم في طفولتهم .. وذلكم الأمل النابض في خلفية اذهانهم أنهم ربما يوما يجدون البرهان ليؤمنوا ..

حين خلق الله الانسان .. لم يكن خلقه استعراض قوي وقدرة بخلق عجيب وتفاصيل معجزة . وإلا لربما خلقه وتركه .. إنما كان خلقا مسئولاً .. خلق عناية وربوبية .. خلق تولي وحنو ...

ترك له مساحته الواسعة من الإرادة الحرة ولكنه علم أنه محدود القدرة والصبر .. سريع الملل .. متعجل ... فتكفل بعنايته ببعض و؟ائفه الحيوية مثلا .. فلم يترك له تنظيم ضربات قلبه اراديا أو انفاسه أو هرموناته وإنما اعطاه بعض الآلية التي تتيح له الانشغال بباقي تفاصيل حياته ...

وهكذا ايضا تدخل بعنايته فكفل له رزقه .. وأجله .. مخففا علي القلب وطأة التدبير .. والتخطيط والانشغال الدائم المدمر بالغد .. رحمه من القلق حين اقسم "وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما انكم تنطقون"

لعن الله اقواما اقسم لهم الله نفسه ولم يصدقوه (الحسن البصري)

لم يصدقوه فانشغلوا بالتدبير والتخطيط والحسد والصراع علي لقيمات .. وربما الجشع والسرقة والحرم .. ولم يعلموا انها آتية رغما عنك كما هو أجلك ..

ولكنا نورد هنا بعض اللطائف :

* لنفهم منظومة الرزق (وهي منظومة تتداخل فيها الإرادة الحرة بالسعي والتدبير الرباني بالقدر) لابد أن نركز جدا مع المثال الذي ضربه لنا الله .. الرزق كما النطق ..!!
فكيف ينطق الانسان .. النطق هو عملية تقطيع وتنظيم وتلاعب (إرادية) بالاحبال الصوتية الحنجرية لعمود الهواء الخارج (شبه لا إرادياً) مع الزفير .. أي ان النطق هو عملية تحرش الإرادة بالآلية اللاإرادية ..
وهكذا الرزق يا سادة .. السعي والعمل ما هو إلا عملية تحرش ... وتنظيم وتلاعب إرادي .. بآلية الرزق والعناية والتقدير الربانية .. اي هو منظومة متكاملة لابد ألا نغفل احد طرفيها .. الإرادي واللا ارادي ..
* الرزق مكفول محسوب كالأجل في اجماله لا في اجزائه .. يعني مكتوب لك ومقدر لك عدد انفاسك العمرية المجملة .. عدد نقودك العمرية المجملة ..كنت دائما اقول لأصدقائي الأطباء الكادحين في مصر: لو مكتوبلك مليون جنيه ينفقهم الله عليك في عمرك كله .. فتسافر الخليج تاخد منها تعمل منهم نص مليون في خمس سنين .. يبقي فاضيلك نص تاني حتاخده علي بقية عمرك .. تقعد في مصر بوزارة الصحة تعمل عشرين الف جنيه في خمس سنين .. يبقي برده حتاخد باقي المليون فيما تبقي من عمرك .. رزقك كأجلك .. لا تموت نفس حتي تستوفي رزقها وأجلها .. ولو تبقت لك شربة ماء لما استطاع ملك الموت أن يقبض روحك دونها ...
لذا فاعلم ان رزقك في خزينة الله آمن كامل .. يرد إليك وتستوفيه بكل بنس وقرش ولقمة وشربة .. تأخر منه ما تأخر وتقدم منه ما تقدم .. فما عليك سوي السعي تنظيما لعملية السحب اليومية من خزينتك السماوية ..

* ليس رزقك فقط هو ما دخل جيبك .. نعم .. إن المفهوم الضيق للرزق وحصره في المال النقدي أو الطعام والشراب والمسكن ومتاع الدنيا هو اغفال احمق لأبعاد الحياة الانسانية الدسمة .. فراحة البال رزق .. وزوجة صالحة وعلاقة جميلة رزق .. صديق وفي رزق .. فكرة ممتعة رزق .. كلمة ثناء رزق .. إنما المال النقدي هو كسب محدود .. فلا تظن وانت تعد اموالك البسيطة في المساء أن رزق  اليوم كان صغيرا .. ولكن لتعد معها نعم اليوم .. نجاحات اليوم المعنوية .. ولتجعل علي راسها آمنك في بيتك وراحة رأسك علي مخدتك .. وابتسامتك لأهلك قبل النوم التي لم يحرمك منها اليوم أحداً ..

* وليس كل ما دخل جيبك رزقك أنت : .. نعم .. فإن أحيانا يسوق الله رزقا لغيرك علي يدك .. فمائة جنيه تدخل جيبك مكتوب فيها للسباك عشرينا !! ..


لذا فلتطمئن نفسك بكفالة رزقك وأمن خزينتك .. ووان في سعيك .. فلا تكدح كوحوش البرية مضيعا كل المعاني الجميلة في الكون سعيا وراء لقمة اليوم .. ولا تتقاعس عن تنظيم عملية التقدير بإرادتك (كتقاعس الانسان عن تقطيع حبل الهواء .. فيبقي صامتا بلا نطق حينا) ..
ولتسعي فيما طلب منك السعي فيه حقا .. وهو الاتصال بالله .. عبادته ومناجاته .. ذاك ليس مكفولا .. ذاك محط الإرادة فينا .. وهو منطلق الأمانة التي اخترنا حملها .. العبادة لله طوعا .. واختياراً .. العبودية من محطة المحبوبية لا القهر .. وحدنا في الكون مخيرون بين الإيمان والكفر .. والعبادة والجحود ..

لذا فإن اجتهادك فيما ضمن لك (الرزق) وتقصيرك فيما طلب منك (العبودية) دليل علي انطماس البصيرة منك ..
وكأنك مغمي عينيك .. وماشي بالمقلوب .. رايح  للرزق اللي جاي جاي .. وسايب الآخرة اللي لو فاتتك لفاتك كل شيء ..

 

التشوه التلفازي ... اثر الدراما tv mutation.. the drama effect




تعد الدراما .. والنقل الإخباري (بما يتضمن من برامج التوك) .. والجانب الإعلاني الدعائي .. هي الأعمدة الرئيسية الثلاثة للصناعة التلفازية .. 
دعونا نكن منصفين .. حين نقول أن للميديا الجمعية اثار تشويهية .. فإننا ليس بالضرورة نتحدث من منطلق نظرية المؤامرة او الاعلام الموجه او غسيل المخ الممنهج للوعي الجمعي للشعوب .. إنما نتحدث حتي عن الأثار الجانبية لتلك الصناعة الكبري التي ليست بالضرورة أن تكون مقصودة من قبل فئة ما .. 

ولكنها تحدث .. 
الدراما .. هي محاولة عابثة لصناعة عالم موازي .. شخوص وحكايا وظروف .. يجلس اشخاص حقيقيون أما شخوص كاذبة وحياة كاذبة في محاولة لنسيان ألم حياة حقيقية .. 
اشكالية الدراما أنها مهما كانت محبوكة وبارعة .. فهي لن تستطيع ابدا ان تحيط بالجوانب اللامحصورة للكائن البشري وابعاده .. ولا الجوانب اللامتناهية للعلاقات البشرية .. 
هي محاولة لتسليط الضوء علي ابعاد بعينها .. 
حين تكون الدراما فعل تسلية .. فهي فعل صحي تماما كحكايا الأطفال واقاصيصهم .. لاستجلاب النوم الهارب ..

ولكننا صرنا اكثر سذاجة من الأطفال حين جاوزنا بها حد الترفيه .. إلي التصديق .. إلي المقارنة .. إلي المعيارية .. بمعني اننا اصبحنا ضيقي النظرة نركز علي البعد المطروح ونتناسي الابعاد الأخري التي غفلها صانع الدراما .. نحاكم ونتموقف .. 
بل الأكثر عبثا انه قد صارت في خلفية اذهاننا اللاواعية مقارانات معقودة بين الدراما بشخهصوها ومشاهدها ونتائجها وقوانين حياتها محدودة الابعاد .. وبين واقعنا بلانهائية اختياراته .. 
اصبحت الدراما معيارا لاشعوريا لكثير من توجهاتنا ..
اصبحت الحياة الدرامية الكاذبة .. والشخوص الدرامية المزيفة .. ذات تأثير قوزي للغاية في حياة الحقيقة والواقع ..


المشكلة الكبري ان الدراما تقوم علي الانفعال EMOTIONS .. بشكل اساسي وليس  الذهن INTELLECTUAL  .. والتأثير الانفعالي هو تأثير مؤقت عابر .. هش لا يمكن ان تنبني عليه تغيرات حقيقية في الشخصية .. 
علي عكس التجربة الحياتية الفعلية التي تلعب علي كل اوتار النفوس من ذهن وانفعال وروح لذا فتشكيلها للشخصية اكثر ثباتا وصرامة ..

لذا اصبح الكون اكثر خبلا .. واصبحنا اشخاص انفعاليين .. عصابيين .. وزادت المشكلات النفسية .. 
اصبحنا كائنات ربتها الدراما وصاغها التلفاز .. 
اصبحنا مسوخا من كائنات حبرية وتلفازية صنعها مسوخ قدامي .. 
.......................................................

الدراما اصبحت تشكل تصوراتنا عن انفسنا وعمن حولنا .. تغيرت المعايير تبعا لمعايير الدراما .. 
تغيرت معايير الحب والاختيار والزواج والرجولة والانوثة والجريمة والدين .. تبعا لما تصدره لنا الدراما من صور جاهزة تنطبع بتأثيرها الانفعالي في خلفية ذهننا .. تغير واقعية قيمنا .. 
تغير ما نريد .. وما نحب .. 

..........................................
السؤال: لماذا تشاهد ذات الفيلم او المسلسل بضع مرات .. ألا يكفيك ضياعا واحداً .. تشوهاً صغيراً ... لماذا تصر دوما أن تقوم بندبة عميقة ؟؟!!

الأعراض الجانبية للميديا الجديدة ...




اقصد هنا بالميديا الجديدة .. ممثلة في التلفزيون والسينما وصناعتهم الدشليونية .. والانترنت بفيسبوكه ويوتيوبه .. 
انها حقا تدمرنا .. تعبث برؤيتنا لذاتنا .. صورتنا الداخلية عنا .. تشعرنا بشيء من الدونية .. تنهك تقديرنا لأنفسنا .. 

تلكم المقارنة الدائرة دوما بين المرآة الجالسة امام التلفاز وبين فتياته اللواتي قضين الساعات والعمليات ليظهرن بصضع دقائق يعبثن بصورتها عن نفسها ..
الميديا تغذيك بقناعات جديدة .. تشكلك كطفل صلصالي .. ماذا يجب ان تشتهي وماذا يجب ان تشتري .. كيف تفكر .. وكيف تتصرف ..
السيناريوهات الخيالية المحبوكة بصبغة الفواقعية تصر رإلينا قيمنا الجديدة .. تعبث بقوانين الأشياء .. لتبقي فقط قوانين الدراما .. 

اصبحنا شخوصا الكترونية علي مواقع التواصل الاجتماعي .. اقنعة الزيف تلبست الجميع .. من يكتب يكتب للقارئ .. ويفعل للمشاهد .. اصبحت حياواتنا بث مباشر اربع وعشرين ساعة .. لذا يجب دوما ان نتزين .. نتجمل .. نتقنع .. 
حتي نسينا من نحن حقا ؟؟

يوم واحد بلا كهرباء .. او وصلة النت .. وها نحن كالمدمن .. نشتهي .. نفرك .. نبحث عن جرعتنا من الانهيار بالميديا ...

يوم واحد يمر بطيئا .. جدا .. 
الحياة ابطء دونهم .. 

هي ليست ابطء .. ذاك هو الزمن الحقيقي .. مبارك .. 
انما الميديا السارق الخفي الاشرس .. تسرق الوقت بلا شعور بالجناية .. 

يوم واحد دونها تشعر ان العمر اكبر .. والحياة اطول .. والوقت ابرك .. 
هي تدمر قيمنا .. وصورتنا عند انفسنا ومن حولنا .. وتسرق اوقاتنا .. وتحبط ابداعاتنا .. تكبل شطحاتنا بأسوار قواعدها المعلبة ..

هي تمنحنا حالة من القلق ,.. العجلة .. الهياج الجمعي .. التوتر اليومي .. حالة من الشبق العام .. من الطمع في ماهو لاشيء ..

تجعلنا استهلاكيين ... شيئيين .. جسديين .. مادييين .. 

هل يمكنك ان تتوقف لأيام عن أن تكون منتجا للميديا .. ان تكون جزءا من ميكنتها .. مستهدف معلب .. ان تكون ذاتك دونها .. ؟؟

الأحد، 17 فبراير 2013

اينه ؟؟

اتحسس صدري احيانا... اضع سماعتي علي قفصي الصدري.. اتأكد ان قلبي مكانه. . فأنا احيانا افقد الاحساس به. .
اشعر بنوع من الخدر من التنميل القلبي. . .وكأنه سقط من في مكان ما اثناء تعبئة الدنيا في جيوبي فامتلأت الجيوب. . ولم تجد سوي ان تخرج قلبك لتتخلق للدنيا مساحة اكبر. .
اين نسيته. . ربما علي سجادة الصلاة قبيل الفجر مع سورة الزخرف المنسية. .
ربما حمله القرآن معه وهو يتفلت من عقاله. ..
المهم اني قررت ان ابحث عنه بمعاودة الاماكن التي كنت اقابله فيها. .
Published with Blogger-droid v1.6.7

معاملة

الشكر في المنح والنعمة درجة حميدة.. الصبر في المنع والقبض درجة حميدة. .
الشكر في المنع والقبض درجة اعلي.
اما استواء المنح والمنع. . الا تتمكن من تفريقهم. من تصنيفهم وتسميتهم ويصيرا لديك واحدا فكلاهما من جنس المعاملة. . وكلاهما يصدران من الحكمة ويقابلان بالتسليم. . فتلك منزلة متجاوزة. .منزلة السابقين
Published with Blogger-droid v1.6.7

الاثنين، 21 يناير 2013

(العب في الحوش) .. من وحي حكم ابن عطاء


يقول ابن عطاء الله السكندري " سوابق الهمم لا تخرق اسوار القدر"


القدر .. هو المنزلق الذي سقط فيه الملاحدة وهو ذاته المدرج الذي صعد عليه المقربين ..

من اصعب الادغال الذهنية ومن اكثر الاحراش الفكرية وعورة وظلمة ومهالك .. صعب الابتلاع .. ساحة للابتداع .. غاص فيه اناس بلا دليل فغرقوا .. وانساب معه ثلة بنور الإيمان فارتقوا ..

القدر .. خطة الله المسبقة لحياتك .. علم الله السابق لافعالكم .. علم احاطة لا علم جبر .. القدر شريط حياتك المسجل مسبقا لدي المولي عز وجل دون تدخل بالإرادة الحرة .. يصعب عليك فهمها لأنك تحاكمها بمنظورك الدنيوي وقوانين كونك الفيزيائي ..القوانين التي فطرها الله فحكمها ولم تحكمه .. لا يخضع الله للزمن ولا يخضع علمه لاشكالية الحاضر والماضي والمستقبل .. لذا فعلم احاطته متجاوز الزمن فيعلم ما يقع منك مستقبلا دون ان يؤثر هذا العلم في اختيارك او مسئوليتك عن افعالك ..

ولكن يا سادة ليست افعالنا الصغيرة هي المتحكم الوحيد في مصائرنا .. هي عامل من العوامل ولكن ليست الإرادة الحرة هي الحاكم الاخير .. فلدينا كما يسميها ابن رشد (الظروف الموضوعية) .. الخارجية الخاضعة مباشرة لتدخل العناية الإلهية ..

وذاك التداخل والكيمياء والتناسق الهارموني بين الإرادة الذاتية الحرة وبين التدخل المباشر للعناية الربانية في الظروف الخارجية هو ما يصنع القدر .. القدر منظومة وليس أحادي البعد ..

اي يمكننا القول أن التدخل الرباني يصنع السياج الخارجي الذي تلهو فيه الإرادة الحرة .. السور المحيط بفناء الإرادة الانسانية ..

الم تر إلي ربك كيف يمزج دوما بين كلمة العلم في القرآن وبين فعل الإحاطة ..والوسع .. (أحاط - علما)



ولكن يجدر بنا الإشارة أن الله يتدخل بهداه وعنايته بطريقتين .. الأولي تشكيل الظروف الخارجية وتعشيق تروس الحياة لخدمة طبخته النهائية بالهدي بأن يلقي إليك رسالة أو يبعث إليك عبرة ..

والثانية بأن يقذف في القلب بالإلهام حينا .. وبالهم والغم اللامسبب حينا .. ببعض البلاء الداخلي الذي يدعو إلي الذكري والإفاقة .. وكأنه وإن ترك الإرادة الحرة تختار طريقا فقد اشار لها إليه وزينه لها واستفزها للمسير .. اي ان واقع فعل الله في الارادة الانسانية هو فعل توجيه لا فعل تحكم .. كمن صنع للنهر مسارا واطلق له الجريان ..

Manipulation not controlling



إن معادلة القدر والاختيار .. والتسيير والتخيير .. معادلة متداخلة الأطراف متشابكة العوامل .. يسقط في دوامة الحيرة من ركز علي احد جوانبها وغفل الأخر .. وانزلق في هاوية التوهة من التفت حول عينيه احدي عواملها فانطفأ نور البصيرة فيه ولم يحط بشمولية المنظومة ..



لذا فساحة الإرادة البشرية الاختيارية وان كانت واسعة شاسعة يتفاوت فيها الناس حسب هماتهم وتكاسلهم .. وبين ضيق افقهم واتساع مداركهم .. وبين تفاؤل يبعث علي العمل وتشاؤم مقعد .. ولكنها رغم هذه الشساعة والاتساع فهي في النهاية متناهية الاطراف محدودة بسور الأقدار ..

فالعبوا كما شئتم في فناء الإرادة الحرة فلا تزالون داخل جدران القدر ..نعم لا تتقاعسوا عن السعي والعدو .. ولكن اعلم يا فتي .. مهما سبقت همتك لم تزل دوما داخل اطار المشيئة .. ومهما كانت ارادتك فلم تزل محكومة بأسوار الإرادة الربانية العليا .. ومهما يكن وضعك الحياتي وموقفك الكوني فهو لم يخرج من إحاطة العناية ..

فلا تغترن بفعلك .. ولا تنخدع بهمتك وامكاناتك .. ولا تظن ابدا النتائج معقودة علي قدر الهمم وحدها ..  ففي النهاية اقصي همتك انك تلعب بإرادتك لكن داخل حوش (فِناء) القدر ..

فإن سوابق الهمم لا تخرق اسوار الاقدار ..