الخميس، 25 يوليو 2013

محاباة الرجل في الإسلام .. حقيقة (الحلقة الأولي 1)



 .. 
...........................................................................................

الطرفان كالعادة متطرفان .. وهكذا الحال دوما .. فما الطرفية والتطرف إلا جذر لغوي واحد .. ففي كل صراع فكري تجد الحق غائب بين تطرفات الفريقين .. وهكذا الحال في اشكالية المرأة والإسلام ..

طرف يغالي في مهاجمة الإسلام .. ويري محاباة الرجل علي المرأة في تشريعاته قد فاقت الحد .. بل ويؤول ويعيد تشكيل النصوص والأحكام بما يخدم نظريته الهجومية ..
وطرف ساذج اخر يغالي في الدفاع عن الإسلام .. فيلوي ايضا اعناق النصوص ليبرأ الفقه الإسلامي من جريمة الانحياز الذكوري المدعاة .. فيغالي في التغني بالتكريم الاسلامي للمرآة لعله يخفف وطأة الهجوم .. يستحي ان يعلن (نعم .. هناك نوع من المحاباة للرجل علي حساب المرأة في التشريع الإسلامي)

يجب ان اكون صادقا وصريحا (علي ان تكمل مقالي لنهايته) واقول أن من الانصاف الإعلان عن محاباة التشريع الإسلامي للرجل أمام المرأة ..
ولابد لنا أن نفرق في البداية بين نوعين من المحاباة .. المحاباة الأصيلة (القرآنية) .. والمحاباة التاريخية (الفقهية والتشريعية في مرحلة ما بعد النبوة) ..
ونقول ان هناك الكثير من الجور قد صدر من جانب الفقه الإسلامي والتشريع ما بعد النبوي (منذ بداية عصر التدوين وإمارة بني امية ونشـأة المذاهب) .. والحق أن القرآن برئ من هذا الجور (الإجتهادي) الذي يجب ان يفهم في نسقه التاريخي وحقبته الزمنية .. ولسنا هنا بصدد الحديث عن تنقية الفقه الإسلامي وانقاذ الإسلام من المسلمين والمتأسلمين ...
إنما أنا اتحدث عن المحاباة الأصلية .. القرآنية .. البيضاء .. التي اعلنتها الآية صريحة (وللرجال عليهن درجة ) ..
نعم هي درجة وحيدة .. لقرآن طالما استخدم لفظة (درجات) في مفاضلات اخري .. وللأسف كان التطبيق لهذه الدرجة الأصلية كثير وكثير من الدرجات الجورية الظالمة ..
ونقول ياسادة .. ان التشريع الرباني ليس فقط القرآني والإسلامي قد منح الرجال درجة علي النساء ..
ولكن هذه الدرجة تشريعية لا طبيعية تفضيلية ...
ولكي نفهم طبيعة هذه الدرجة التشريعية لابد أن تفهم في سياقها الكوني العام لا التشريعي فحسب ..
الله .. هو خالق الكون الطبيعي .. هو ذاته صاحب القانون التشريعي ..
الله حين خلق المرأة منحها درجة تفضيلية طبيعية .. (الأنوثة مانحة الحياة) .. الأنوثة حاملة الحياة .. الأنوثة ضرورة كونية لاستمرار النوع .. (اثبت العلم بالاستنساخ ان الانثي هي الأصل والضرورة والذكر عرض هام لكنه ليس ضرورة استمرارية .. فالعلم يحتاج انثي فقط لصناعة حياة جديدة ) ..
الطبيعة تميل إلي التأنيث .. فخروجا من قانون الاحتمالات لابد أن تفضل الطبيعة (من منطلق دارويني تطوري بحت) الأنوثة علي الذكورة تفضيلا طفيفا (درجة) لاستمرار النوع ..
لذا لا عجب ان نجد تأنيث كل ما اتصل بالحياة في اللاوعي الجمعي الانساني منذ الأزل .. فالحياة مؤنثة.. والشمس .. والأرض .. حتي في اللغاات التي لا تقبل لسانيتها تأنيث الجمادات تجد في خلفية ذهن المتحدث تأنيثا عجائبيا لهذه الجمادات رغم حيادية لغته ..
SUN .. EARTH .. LIFE
وكانت الطبيعة الأم ذاتها انثي .. MOTHER NATURE .. MOTHER EARTH
ولاعجب ايضا في أن نجد اقواما قد عبدوا الأنوثة ممثلة في الرحم WOMB  وفي الفرج النثوي ..
ولسنا ايضا هنا بصدد الخوض في الأدلة العلمية والضرورات التطورية للتفضيل (الطبيعي ) للأنثي .. يكفينا انثروبولجيا اللغة ..
تفضيل كان ولابد في اكثر الفرضيات (بدون الرسالات الربانية) أن يفضي إلي تأنيث كل شيء .. إلي هيمنة انثوية عظمي علي الكون .. بل والذهن البشري بأسره .. من تأنيث الآلهة .. إلي تأليه الأنثي ..
لذا جاء التشريع الرباني .. (الجناح الآخر للقيومية الربانية علي الكون .. جناح الخلق الطبيعي .. وجناح التشريع) .. يوازن هذه الدرجة التفضيلية الطبيعية للتأنيث .. بدرجة توازنية تشريعية للذكورة .. حفاظا ايضا علي التوازن الجمعي الكوني العام ..
(لا تتمنوا ما فضل الله بعضكم علي بعض .. للرجال نصيب .. وللنساء نصيب)
هذه الآية تقر بأن كلا مفضل من جهة .. وتوزيع الأنصبة يقر بالتوازنية ..
للرجال نصيب من الفضل (الدرجة التشريعية ) .. وللنساء نصيب من الفضل (الدرجة الخلقية)
تتجلي الصورة في مريم (الطبيعة) .. مانحة الوجود لعيسي (التشريع) .. بدون تدخل ذكوري ..
ولن نخوض اكثر في رمزية الأنثي في حاملي الرسالات الربانية من أم موسي ومريم وحواء وامرآة نوح ولوط .. فهذا امر يطول ...
لذا فمحاولة فهم الألوهية بمنأي عن الربوبية محاولة عابثة سطحية ساذجة .. ومحاولة فهم الجانب التشريعي من قيومية الله علي الكون بمعزل عن الجانب الخلقي الطبيعي من قيوميته .. هو ايضا نوع من الانتحار الذهني ..
انا هنا لا اتحدث سوي عن درجة تفضيلية تشريعية موجودة وانكارها نوع من الحمق والنزق .. تقابل درجة تفضليلة طبيعية موجودة محسوسة وحدسية ولازمة تطورية .. في كون موزون .. لإله حكيم ..

تلك مقدمة لازمة قبل الخوض في الجانب التشريعي .. ومحاولة فهم وضع المرأة فيه ..
اتمني ان تكون وصلت الفكرة الأولي قبل أن اشرع بتفصيل الإشكالات التشريعية .. 

الخلاصة : محاباة الرجل تشريعا .. كانت ضرورة اتزانية لمحاباة المرأة خلقا .. 


السبت، 13 يوليو 2013

العلم اللدني ... (سجناء الظاهر)





لا عجب ان قصة موسي والخضر عليهما السلام .. من أكثر القصص التي تجذبنا أحداثها الغرائبية في القرآن .. وأنا فقط أحببت أن أنوه علي بضعة اشارات لطيفة خفية فيها ...

  • عدم اختصاص العلم بالنبوة .. فالعلم اللدني حمله العبد الصالح (الولي) ولم يحمله النبي .. لذا فالنبي ليس بالضرورة أن يكون قد بلغ اقصي الأمد في كل المجالات والأفق وأن مجاوزة عبد من عباد الله لنبي من انبياءه في حقل ما أمر جائز وممكن ولا يقدح في النبوة أو الرسالة .. إنما الأنبياء يصلون الغايات فيما يصب في التبليغ والدعوة وأليات حمل الرسالة وقيادة الأمم وليس بالضرورة في كل المناحي .. فالنبي في النهاية بشر والبشر محدودون .. ولكن يوسع الله تلك الحدود في آليات الوحي وحمل الرسالة .. وفيما عاداها يبقي بشريا بمحدوديته ..؟ (انما أنا بشر مثلكم يوحي إلي )


  • العلم اللدني ذاك ممكن التعليم .. وإلا لكانت رحلة موسي إلي الخضر رحلة عبثية .. وسؤاله أن يعلمه سؤال نزقيا .. وحاشاه  عليه السلام .. وإجابة الخضر بالإيجاب تؤكد علي معقولية وامكانية تعلم العلم اللدني (المجاوز لعلم الأنبياء أنفسهم)  ..
  • ولكن تبقي هنا اشارة هامة .. أن تعلم هذا العلم اللدني لا يكون بالتلقي .. ولا يندرج تحت اساليب التعلم العادية أو آليات المعرفة (الابستمولجيا) المتعارف عليها .. والدليل أن رغم موافقة الخضر علي تعليم موسي إلا أنه اشترط عليه عدم السؤال .. والسؤال كما هو معروف هو مبدأ أليات العلم الاعتيادي ..
  • ذاك العلم اللدني هو علم تجربة ومسير .. علم رحلة وصبر .. علم فهم عن الله في الأحداث .. علم لا يخضع لأساليب التعلم العادية .. علم لا تنهله من كتاب ولا يخرج من سؤال (او بحث علي جوجل) ... علم مبدأه الصبر .. وقل مريديه وعالميه .. فلا عجب ألا يجد موسي مع الخضر تلاميذ آخرين رغم كونه الأعلم علي الأرض كما تقول الرواية .. ولا عجب أن يفشل موسي (التلميذ المعاصر الوحيد) في أن يكون تلميذا أو أن يقترب خطوة من بدأ تحصيل العلم ذاته ..
  •  ياسادة هناك علم مجاوز لعلم الأنبياء أنفسهم .. علم ممكن التعليم ..
  • مفهوم الولاية المغلوط لدينا .. فلا خوارق للعادات تمت علي يد الخضر .. فقد كسر المركب وبني الجدار وقتل الغلام بيد وفعل وجهد بشري عادي ولكن يحركه علم مجاوز للواقع .. فليس بالضرورة ان تجري علي يد الولي خوارق العادات .. وكم من ولي كان في عين الناس مجرما .. مجاوزا للأطر والأعراف والقواعد .. والمنطق ..  



اللهم اتنا رحمة من عندك وعلمنا من لدنك علما ..