الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

انشغل ببواطنك .. طهر قلبك

# لا تنشغل بالتطهر .. فتصير محتلا ذهنيا بفكرة التوبة والسعي نحو ملائكية ربما لا تكون متاحة عمليا أو ممكنة واقعيا ..

لا تظن أبدا أن الدخول علي الله بالاستحقاق .. فمن فعل فقد اكتسب ..!!
ومن أدي فقد استجلب !

إنما هو محض التفضل ..
فليس الأمر بكثير صيام ولا صلاة .. إنما سير قلبي محض ..
توجه روحي ..
معيار التباين بين السائرين ليس كم الافعال والحركات ولا نسبة الذنوب والزلات ..
انما التوجه القلبي القابع وراء كليهما .. وراء الطاعة والعصيان ..
فقلب ممتلأ بالافتقار والتبرأ من الحول والقوة ورد الطاعة إلي باب النعم ومشاهدة كلا من فضل الله فيها وتقصير العبد في قيامه بحقوقها ..
وممتليء بالانكسار والاستكانة والتذلل وراء العصيان .. يحاول الفهم عن الله في القضاء بالذنب ويستشعر المسئولية وعظم الجناية .. ويتبرأ من الحول والقوة في الطهارة والتعفف والتورع ..
ذاك هو قلب واصل .. وان تدنت في العدادات كميات طاعاته .. وتعالت بالعدادات كميات زلاته ..

وربما سبق قلبا .. ارتفعت عدادات حسناته وندرت زلاته إلا أن توجهه القلبي كان مشوبا بالعجب أو رؤية الذات أو استصغار الجناية والغفلة عن ملاحظة التقصير ..

لذا فأصل التطهير داخلي ..
لذا لا تنشغل بصور الأعمال انشغالا هوسيا ..
واجعل محط تركيزك هو طهارة الباطن ..

لا نقول بترك العمل .. او تحقير الطاعات ..
انما نقول بأولوية سير القلب وتطهير البواطن .. وتحرير الذهن من أوهام الاستحقاق ..

لا يصل إلي الله احد باستحقاق .. إنما هو محض التفضل الرباني ..

Posted from WordPress for Android

posted from Bloggeroid

السبت، 17 ديسمبر 2016

الحيلة الشيطانية وحقيقة الخديعة

وكان مما خدعنا به الشيطان .. وربما استخدم الأقدمون في خداعنا .. هو تصدير هذه الصورة بأن مدخل الشيطان الرئيسي إنما يكمن في الهوي !

حين جعلنا نظن أنه يأتينا بوساوس شهوانية فجة .. ومتطلبات بادية تصب في مصلحة الهوي ..
وهذا النوع من الوساوس الشهوية قلما تجده واضحا أبدا .. اللهم إلا لدي شريحة صغيرة ممن استحوذ عليهم الشيطان فأصبح يلقي لهم اغواءاته واضحة جلية غير متقنعة ولا متوارية ولا متلصصة إنما ساطعة التمركز حول الشهوة والهوي ..

أما في الأغلب الأعم من الحالات وفي الاخص لدي العقلاء والنخبة .. لا تجد الاغواءات الشيطانية بهذا الوضوح الفج .. حتي يخيل لأحدهم أنه قد قضي علي شيطانه ولم تعد لديه سوي رغبات نفسه لمعالجتها .. والحقيقة مغايرة تماما لهذا الأمر ..

وتلك هي خدعة الشيطان العظمي ..
أن يصور نفسه في أدمغتنا في مشهد الموسوس بالشر الذي يأتيك ليقذف في اذن عقلك نداءا بالارتماء في حضن شهوة ضخمة أو السقوط في كبيرة او فاحشة ..
ولسذاجتنا ابتلعنا هذه الخدعة .. وتشربنا هذا التصور الذي قصده ابليس بمكره ..

فليس الامر هكذا ابدا ..
وإعادة انتاج صورة الشيطان ومكره في ادمغتنا هي احد الخطوات الأساسية الأولي في تزكية النفس والاستعلاء علي الرغبة والدخول لمقام الاحسان ..
والاستعداد لمقام الحرب مع هذا العدو الخفي ..

ان الشيطان يا صديقي ليس استعراضيا (كالشخصية المسرحية المبالغة في تسول الأضواء ) إنما أقرب للانتهازية والاستغلالية النرجسية (الذي يحقق مراده دون ان يظهر وسائله !!)
لذا فهو لا يعلن عن نفسه بهذه الفجاجة غالبا .. ولا يظهر توجيهاته ونداءاته بهذا الوضوح والصراحة والاستقامة أبدا ..

إنما عادته التواري والإلتفاف والمراوغة !
هو يستخدم البرمجة والإيحاء والإشارات والخطوات التصاعدية الخافتة .. تماما كأي نصاب أو مخادع او سياسي محنك ..

بل هو يستخدم العقلنة والتبرير والرداء المنطقي كأحد أعظم حبائله ..


ان الشيطان بطول إقامته قد خبر نفوس بني آدم كأعظم ما يكون أطباء النفس .. بل بشكل يتعدي ويتجاوز ما وصلت إليه بحوث علم النفس البشري .
لذا لم يعد يضطر لهذا الشكل الفج من التوجيه ..

إنما دوما يغلف مراده ويخبيء غاياته ويواري دوافعه .. ويدخل إلينا من أبواب العقلنة اكثر من دخوله من ابواب الاشتهاء الصريح ..

هو يفتح مائة باب للخير .. لان وراءها تكمن بوابة أعظم للشرور ..
ويدفعك دفعا نحو طريق يبدو نورانيا ..لأن في نهايته تقبع هاويتك !

هو أقرب لأهل العقل والمنطق بإفساد استدلالاتهم .. منه لأهل الشهوة والهوي بمداعبة غرائزهم ..
فالمشتهي ترجي توبته .. أما الموهوم صاحب الضلالات الاعتقادية والمغاليط الذهنية فيعمل وفقا لها ويظن أنه يحسن عملا .. ولا ترجي له عودة في العادة !

لذا فافطن يا صديقي إلي حبائل الشيطان وحيله الرئيسية معك ..
هو يعقلن لك التوجهات اللامستقيمة .. ويحشد لك المبررات المنطقية .. ويناظر عقلك مائة ألف مناظرة في اليوم والليلة أكثر من كونه يوسوس لك بقضاء شهوة او سقطة بعصيان واضح الشر ..

هو رغم ضعف كيده وتهاوي مكره .. إلا أنه صبور متدرج .. حثيث الخطو متباطيء البرمجة .. غير متعجل ولا متهور ولا يفسد طبخته بالاستعراض أو استعجال النتائج .. !


فإن كنت من أهل التعقل .. فاعلم أن العقلنة والتبرير ومنحك الاسباب ومناظرة رؤيتك هو وسيلته لاسقاطك ..

لذا لا عجب ان تجد اهل العقلانية هم الأقسي قلبا احيانا .. أو الأبعد عن متابعة الشعائر والعبادات .. أو الاكثر تغافلا عن تنقية القلب وصون النفس وتزكية الروح ..

واعلم أن اساس تزييناته هو منح الشهوة بعدا عقلانيا .. وصبغ الشر بصبغة نفعية .. وتغليف الهوي بقناع المنطق ..
وترويج الاغواء بوشاح اجتماعي مقبول ..

بل إنه قد أسس لكثير من حيله وبذر أعشاشه ودجن خدعه في كثير من زوايا الحضارة والتقدم والعلم والأنسنة ..

واللبيب بالإشارة يفهم ..
posted from Bloggeroid

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

حقيقة اللاحقيقة !

وسط هذا العبث الطافح حولنا ..
حيث لا حقيقة مطلقة .. ولا أحد يملك ضمانات للحق ..

كل شيء يبدو عابثا وزائفا .. وكل سعادة في حقيقتها مؤقتة أو متوهمة !

حقيقة الحقائق : أنه لا حقيقة مطلقة !

إنما الحقائق بعدد خاطرات الخلائق !

بل إن كل حقيقة تنتمي للمطلق .. ستجد لها ألوف التأويلات والتفسيرات والأفهام والرتوش والإضافات والتعديلات والتحويرات ..
حتي لربما ضاعت معالمها !


الأهم .. انه لابد لك من حقيقتك أنت ..
أي أنه ليس بإمكانك لانك تعلم ان الحقائق نسبية .. ألا تحصل علي حقيقتك !
فلا يمكن لذهنك أن يبقي فارغا خاليا .. محايدا !
محال يا صاح ..

بل محال ألا تعمل وفق حقيقتك .. رغم معرفتك بنسبية الحقائق وزيف كثير منها ووهمية أغلبها ..

ستعمل .. وستحترق نفسك لأجل حقيقة ما رغما عنك ..
وتلك حقيقة أخري ..
وهنا تكمن المفارقة !

فاكتشاف عبث العالم ونسبية الحقيقة .. لن يؤدي بك إلي تغيير شيء ما ..
سيبقي الكون بعبثه ونسبيته .. وستبقي انت جزء منه !
وسيبقي اللاانتماء هو انتماء في ذاته .. واللاحقيقة هي حقيقة اخري .. واعلان العبثية الكونية هو فكر عبثي أخر !!


لذا فراهن يا صاحبي بأنفاسك علي ما كان اقرب للبقاء .. واحرق روحك علي ما كان يصب في المصلحة الادوم .. والنفع الأبقي !
(كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) صحيح مسلم

فكل الناس كما صرح النبي .. يسير ويرحل ويغدو ويتعب ..
وكل الناس يبيع نفسه لحقيقته أو وراء عقليته وأفكاره ..
وان تعددت الافكار وتشعبت الانتماءات والمذاهب والرؤي .. ستبقي تصب في النهاية في أحد محطتين ..
إما الضياع السرمدي ..
او النجاح السرمدي ..

فحقيقة الآخرة بهذا الشكل من التطرف بين النقيضين ..
لا تعرف الآخري المناطق الملونة والرمادية والمفاوضات والتوسط ..
الآخرة وحدها تعري الحقائق المتعددة وتمحق النسبية .. ليصير القوم إلي فسطاطين بلا ثالث ..
إما حرية دائمة .. وإما تحرر زائف ..

(أبق العبد .. ) أي هرب من سيده .. فلا هو حصل علي حريته .. ولا استعاد كرامته انما صار طريدا مطالبا ما دام حيا ..

وهكذا الامر في حقيقته الاختزالية الأخيرة ..
إما العتق .. أي الحرية والكرامة ..
وتلك حقيقة تجربة الحياة .. أن تترك زيفها نحو التحرر الحقيقي منها والاستعلاء عليها .. والصعود نحو الحياة الحقيقية الباقية الخالية من الزيف واللمعة والبريق المخادع ..
وبذلك تكون اعتقت نفسك من قيدها وتحررت من استعبادها ..

أما الآبق .. فهو الذي يظن نفسه تحرر .. بمجرد العدو بعيدا قليلا .. وهو لم يزل يرسف في قيوده .. يلهي أذنه عن صوت احتكاكات أغلاله بأرض الاستعباد التي لم يغادرها !

لذا كانت الموبقة هي المهلكة .. !

فالأمر يا صاحبي علي هذه الدرجة من التطرف في حقيقته .. لا يأبه للرمادية والمناطق الوسطي ..
إما تحرر حقيقي .. وإما حرية مزعومة متخيلة ..
إما كسر للقيد ..
وإما تلوين القيد بلون القدم لتبدو حرة .. وهي في حقيقتها ملتفة به حتي العظم .. !


كل الناس يغدو ..
وانت منهم ..

فبائع نفسه ..
وهكذا تفعل انت .. تبيع نفسك لحقيقتك واعتقادك وعقليتك التفاعلية في الحياة .

فمعتقها أو موبقها ..

فاختر لنفسك ..
posted from Bloggeroid

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

ركز علي ما تملك

فلا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجا منهم 

كلما ازدادت خبرتك في الحياة وتعمقت نظرتك إلي كواليسها .. علمت أن كل شيء بحق مخلوق بقدر معلوم .. والمواهب والمنح في توازن استثنائي .. والتوزيع بعدالة غرائبية .. 

انما هي النظرة السطحية الضحلة لدي أهل السخط هي التي تحرك انعدام الرضا لديهم وبالتالي البؤس النفسي المترتب عليه .. 

النظرة السطحية التي تشاهد سطح حياة العابرين دون كواليسهم .. وتستخرج قواعدا عمومية وتقفز إلي استنتاجات متسرعة عبر رؤية المظاهر دون الخوض في أعماق المستور عن السطح الظاهري..

وربما يقتلها الحسد وينغص عليها حياتها تمني ما لدي الغير .. 
فقط لحماقة النظرة ! 

هذه النظرة البائسة والباعثة علي البؤس تتركب من طبقتين
- الطبقة الأولي .. وهو النظر السطحي العابر دون العميق .. والقفز الي استنتاج من زاوية واحدة من المشهد دون تتبع باقي الزوايا .. 
فتركز علي مظاهر المتاع والاقتناء لدي الخلق .. غافلة عن الأبعاد الأخري للسعادة .. والكواليس المستترة التي ربما توزن الكفة وتكمل الصورة المبتورة 
فربما تواري عنك من هذا النعيم الظاهري ما لو علمته لهربت منه هرب المفزوع .. 

- الطبقة الثانية وهي الأهم .. والمحرك الاعظم للبؤس .. والمرتكز الأخفي للمعاناة .. وهي خفية لكونها لا تصيب الحاقدين وأهل الحسد فقط .. إنما قد تصيب انقي الأرواح وخير النفوس .. 
وهي التركيز علي ما لا تملك .. بدلا من التركيز علي ما لديك ! 
أن تعدد ما تفتقد .. وتنهك روحك في احصاء ما ليس عندك .. وتذبل نفسك في تمني ما ليس بحوزتك الآن وهنا ! 

بدلا من ان تلتفت لما لديك .. وتنظر إلي الكون وحياتك من عدسة ما بالفعل بحوزتك لا ما تريد ! 
اننا نسمع الآية فنجريها علي غير ما اراد الله (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) 
فنظن أنه ينبغي ألا نحاول احصاء نعم الله علينا .. وان القضية منتهية فنحمد الله والسلام .. 
والآية انما تدعو فعليا للنظر للنعم والالتفات إلي ما لديك ومحاولة عده مع اليقين بعدم امكان احصائه فتبقي في حالة من محاولة العد المستمر والاحصاء غير المنتهي ابدا .. 
فتبقي في حالة ممتدة من الامتنان .. ويغمرك شعور مستمر متوالي بالرضا .. 

فأن تسحب إلي عدستك ومركز رؤيتك ما لديك فعليا لا شك أنه سيحررك من كثير من البؤس المرتبط بالتمني والتقصي والتتبع والاشتهاء الدائم .. 

أن تركز علي ما عندك الآن وهنا .. وتعيد انتباهك الشارد دوما نحو ما تريد إلي ما تملك .. لا شك سيكون الخطوة الأولي نحو مستراحك الداخلي وسلامك النفسي .. 

إنا لا نقول بتطليق الأحلام واعتزال الطموح .. إنما نقول ان تشيد أحلامك واشتهاءك علي أساس قوي من الامتنان والحفاوة بما لديك فعليا .. وألا ينهشك الاشتهاء حتي تبقي حياتك مجرد سعي مستمر وسعادة مؤجلة وفصول من السرور المتوهم المتعلق بالمستقبل لا غير ! 
فكيف اذن وان كان المراد والمشتهي لا سبيل لتحصيله .. فلا يصيبك منه سوي ادخار الخيبات والاحباط والحسرات .. حتي تعميك عن مدن السلام والراحة والسعادة فيما لديك بالفعل !

وانا ايضا لا اتحدث عن مسكنات للبائسين وأفيون لأهل المعاناة .. إنما أتحدث عن واقع متحقق فعليا ولكننا بشكل ما اخترنا ان ننكره ونزيحه من خارطة انتباهنا حين حشدنا كل وعينا فيما لا نملك .. وفيما نفتقد .. وفي الغائب لا الموجود .. 

ولا ننسي أن كل غائب مشتهي .. وكل ممنوع مرغوب .. وكل ما ليس بيدك فبريقه اقوي وزينته أكثر بهاءا .. 
فيبدو احيانا ولو بزيف بريق الممنوعية اجمل مما لديك .. وإن كانت الحقيقة المجردة مناقضة لهذا الادراك ! 

فلا تغفل يا صديقي لحظة عما لديك .. ولا تنخدع بزيف بريق نعم العابرين .. ولا ترهقك زينة المراد والمشتهي فتفسد عليك استمتاعك بالمتاح والمضمون ! 

زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه .. 

ولا تغفل أيضا عن أثمان هذه الممنوعات وضرائبها المستترة الملازمة لها .. فكثير منها يحمل في طياته فتنة متخفية .. ويأتي كباكيدج كاملة مع البؤس أحيانا .. 

فتزهق أنفسهم .. 

لذا توقف الآن .. واعد ظبط عدستك .. وحول انتباهك قليلا نحو ما منحك الله لا ما منعك .. 

وربما اذا تعمق فهمك .. وارتقي ادراكك .. لادركت كما قال ابن عطاء الله ان المنع هو عين العطاء .. 
ولكن يتوقف الأمر علي زاوية نظرك !

posted from Bloggeroid