تعد الدراما .. والنقل الإخباري (بما يتضمن من برامج التوك) .. والجانب الإعلاني الدعائي .. هي الأعمدة الرئيسية الثلاثة للصناعة التلفازية ..
دعونا نكن منصفين .. حين نقول أن للميديا الجمعية اثار تشويهية .. فإننا ليس بالضرورة نتحدث من منطلق نظرية المؤامرة او الاعلام الموجه او غسيل المخ الممنهج للوعي الجمعي للشعوب .. إنما نتحدث حتي عن الأثار الجانبية لتلك الصناعة الكبري التي ليست بالضرورة أن تكون مقصودة من قبل فئة ما ..
ولكنها تحدث ..
الدراما .. هي محاولة عابثة لصناعة عالم موازي .. شخوص وحكايا وظروف .. يجلس اشخاص حقيقيون أما شخوص كاذبة وحياة كاذبة في محاولة لنسيان ألم حياة حقيقية ..
اشكالية الدراما أنها مهما كانت محبوكة وبارعة .. فهي لن تستطيع ابدا ان تحيط بالجوانب اللامحصورة للكائن البشري وابعاده .. ولا الجوانب اللامتناهية للعلاقات البشرية ..
هي محاولة لتسليط الضوء علي ابعاد بعينها ..
حين تكون الدراما فعل تسلية .. فهي فعل صحي تماما كحكايا الأطفال واقاصيصهم .. لاستجلاب النوم الهارب ..
ولكننا صرنا اكثر سذاجة من الأطفال حين جاوزنا بها حد الترفيه .. إلي التصديق .. إلي المقارنة .. إلي المعيارية .. بمعني اننا اصبحنا ضيقي النظرة نركز علي البعد المطروح ونتناسي الابعاد الأخري التي غفلها صانع الدراما .. نحاكم ونتموقف ..
بل الأكثر عبثا انه قد صارت في خلفية اذهاننا اللاواعية مقارانات معقودة بين الدراما بشخهصوها ومشاهدها ونتائجها وقوانين حياتها محدودة الابعاد .. وبين واقعنا بلانهائية اختياراته ..
اصبحت الدراما معيارا لاشعوريا لكثير من توجهاتنا ..
اصبحت الحياة الدرامية الكاذبة .. والشخوص الدرامية المزيفة .. ذات تأثير قوزي للغاية في حياة الحقيقة والواقع ..
المشكلة الكبري ان الدراما تقوم علي الانفعال EMOTIONS .. بشكل اساسي وليس الذهن INTELLECTUAL .. والتأثير الانفعالي هو تأثير مؤقت عابر .. هش لا يمكن ان تنبني عليه تغيرات حقيقية في الشخصية ..
علي عكس التجربة الحياتية الفعلية التي تلعب علي كل اوتار النفوس من ذهن وانفعال وروح لذا فتشكيلها للشخصية اكثر ثباتا وصرامة ..
لذا اصبح الكون اكثر خبلا .. واصبحنا اشخاص انفعاليين .. عصابيين .. وزادت المشكلات النفسية ..
اصبحنا كائنات ربتها الدراما وصاغها التلفاز ..
اصبحنا مسوخا من كائنات حبرية وتلفازية صنعها مسوخ قدامي ..
.......................................................
الدراما اصبحت تشكل تصوراتنا عن انفسنا وعمن حولنا .. تغيرت المعايير تبعا لمعايير الدراما ..
تغيرت معايير الحب والاختيار والزواج والرجولة والانوثة والجريمة والدين .. تبعا لما تصدره لنا الدراما من صور جاهزة تنطبع بتأثيرها الانفعالي في خلفية ذهننا .. تغير واقعية قيمنا ..
تغير ما نريد .. وما نحب ..
..........................................
السؤال: لماذا تشاهد ذات الفيلم او المسلسل بضع مرات .. ألا يكفيك ضياعا واحداً .. تشوهاً صغيراً ... لماذا تصر دوما أن تقوم بندبة عميقة ؟؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق