الأحد، 29 يناير 2017

الحبكة الربانية

- س/ 
الدنيا معاندة معايا أوي يا دكتور ! 
بحاول بكل طاقتي وعمرها ما بتفتحلي الفرصة أبدا .. 
.
حاسس إن أنا طاقة معطلة .. مهدور في مكان ضلمة مهما عافرت فيه مفيش صدي للي بعمله .. 
ماليني شعور بانعدام الجدوي .. 
واحيانا .. انعدام القيمة .
.. 
عارف يا دكتور .. حاسس إني (موجود .. مجاني) !! 
.
 .
- ج/ 
دعني أخبرك سرا .. ربما يخالف ما اعتدت أن تسمعه مني في جلساتنا .. 
وربما لم أكن لأقوله لغيرك .. فلم أعتد أن أعلب الوهم لأصدقائي فقط ليشعروا بشعور جيد ..! 
.
 
لن احدثك عن تغيير عدسة نظرتك للحياة .. ولن أغلف لك هراء التفكير الإيجابي .. ولن أجلس معك نثرثر حول طرق أخري للحصول علي فرصة ! 
.
فأنا أعلم أنك قد استنفدت ما بوسعك يا صديقي .. 
 
وأحيانا أندهش من كون مثلك مدفونا رغم امتلائه معطل الطاقة محروم من الفرصة !
ولكن أتدري يا فتي .. مهما حدثتك عن السعي والإيجابية ومسئولية الإنسان عن افعاله وموقعه في الحياة .. لم تزل بقعة في نفسي تأبي إلا الإعتراف بأقدار الله !! 
.
 
مهما رددت أحاديث من قبيل الحرية الإنسانية المطلقة وقدرة الإنسان علي تغيير مقامه الوجودي .. ستبقي منطقة متوارية من نفسي تدرك أن لقدر الله تروسه الخاصة .. المختبئة هناك في كواليس المسرح الظاهر .. تعمل كما يريد لضبط الآداء الكوني العام ! 
.
 
أتدري يا صاح .. إن هناك أرواحا يأبي الله إلا أن يتولي تشكيلها وتربيتها .. ليستعملها كما يشاء !
إن هناك أرواحا قد اختارها الله لنفسه .. فلم يتركهم لأنفسهم .. 
وانتقاهم لأدوار بعينها فلم يتركهم لانتقاءاتهم هم !! 
.
 
دعنا نغلق جهاز التسجيل .. لأخبرك سرا خارج النص وخارج العلوم وشاردا عن المهنية والعلمية والمنهجية الطبية .. 
.
دعني أخبرك أن الله يغلق بعض الأبواب عمدا .. ويسد بعض مخارج الضوء قصدا !! 
تماما كما يدفن أحدنا بذرته عميقا في الارض ويواريها عن عين طائر أو تنقيب مفترس .. 
بل يواريها عن عين الشمس .. ويبقي يسقيها كما يشاء ! 
بل احيانا يلطخ تربتها ببعض الروث ! .. كسماد يقوي نسيجها المرتقب يوما !! 
تدفنها تحت التراب والروث .. لأن نماءها يكمن هنا !
.
 
وكلما تعمق دفنها .. كلما منحتها جذورا أقوي واعمق واثبت .. لئلا تقتلعها الريح يوما أو يلوي جذعها جفاف يحل بالمحيطين .. 
إن الله قد يمنع الضوء عن بعض عباده لئلا يحرقهم تبكير التعرض له ..
.
دعنا نقوم في مقاماتنا حينما تنقطع منا حيلة السعي وتنغلق كل مسارات الأسباب بغرابة قدرية محكمة .. 
.
دعنا نستلقي كتلك البذرة في تربتها .. تحمل طاقة الحياة  معطلة تحت قشرتها .. تركز فقط بقبول كامل في محطتها الحالية .. 
تكون جذورها وتمد أركان ثباتها .. وترضي بمساحتها من الوجود بعد استنفاد الوسع ..
.
قال حكيم قديم ( مقامك حيث أقامك ..
لا تطلب من الله ان يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها .. 
 
فلو اراد لاستعملك من غير اخراج !!) 
.
دعنا نكتفي بعلم الله فينا .. 
إني لأجد سلوانا في آية نسمعها كثيرا ولم نمنحها ما يكفي من التأمل .. 
 
هي ربتة ربانية علي كل ذي جمال مهدور .. وكل صاحب أمل عالق وامنية مبتورة واحلام متمردة علي التحقق ..
(وأن سعيه سوف يُري) !!
.
 
إن مسعاك لم يخف عن عين الله .. وبذلك المستميت لم يخرج عن علمه .. ولا شيء بخزائنه يذهب هباءا ! 
.
 
فارض بمساحتك الحالية من الوجود .. فلربما كان كل الخير فيها .. وكل الافتتان والسقوط والحيرة والضياع في غيرها ..
وكن جميلا بمكانك .. 
.
(
واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا )
.
 
والآن دعنا نعيد الضغط علي زر التسجيل .. ونعود للمسار النفسي ..





انت عارف احنا بنبقي عاملين ازاي وقتها .. 

زي اللي اتفرج علي أول مشهدين من الفيلم .. وشاف ازدهار الشرير ومعاناة البطل .. فقام يسب ويلعن ويزمجر .. في أول مشهدين بس !!

لم يدرك الفتي حينها أن باقي الحبكة لم تتضح بعد .. وكافة التواءات الدراما الحياتية لم تظهر لعينيه بعد .. 
ولو كانت الحبكة مكررة متوقعة لاستحق المؤلف الذم لقصوره الابداعي ... 

لذا ينبغي أحيانا ان تبقي بعض القصص ملتوية الحبكة معقدة الدراما .. لا يستطيع أي من المشاهدين أن يتوقع المشهد القادم .. أو يتنبئ بالنهاية .. 
فهم يعلمون أنهم قد بذلوا نقودهم لثقتهم في ابداعية المؤلف المتفردة .. وأنه لا يكرر نفسه .. وأن نطاق ابداعه أكثر اتساعا ورحابة من أقصي تخيلاتهم .. وربما تجاوز حبكته المتقنة منطقهم المعتاد .. 

فالناس اثنان (بعد استنفاد الجهد) .. واحد يلعن المؤلف من أول مشهدين .. وواحد يبتلع غضبه ثقة في الصورة الكاملة وتوخيا للحكم علي مجمل الحبكة والدراما ..




ما الفرق بين الكشف الرباني وبين الخيالات والهلاوس النفسية

اول قواعد الكشف وخرق العادة والكرامة هو هذه (ألا تغير طبيعة التكليف .. بمعني ألا تزيد اليقين ولا توجه الفعل والسلوك الانساني ..
أي أنها قد تأتي كبشارة أو مثوبة .. لشخص قد استقر اليقين في قلبه .. ولم يعد يؤثر به الرؤية ..
لأنه لو كانت بتدخلها تزيد يقينه أو تغير توجهه .. لبطل التكليف .. لأنها تقدح في العدل الرباني الذي يقتضي حرية الانسان ومسئوليته عن افعاله ..

لذا فاحد قواعدها عند القوم كما قال الصحابي (لو انكشف الحجاب ما ازددت ايمانا )

وهكذا في حق من تجري علي يديه الكرامة او تنكشف له الحجب ..
وكذلك في حق من يشهدها ..
فلو كانت تؤثر في تكليفهم وتوجههم نحو توجه بعينه وفعل بعينه لتركت مظلة الكرامة نحو مظلة المعجزة والآية التي يجريها الله علي يد الانبياء تدعيما لنبوتهم ..
لذا تجدين مثلا ان الكرامات من اكثر الامور الشائكة في التراث بين منكر ومثبت ..
لان من يشهدها لا يكون العامة كمعاجز الانبياء ..
لانه كما قلنا لو تدخل الله بفعل من فعله يؤثر في تكليف قوم بعينهم دون غيرهم فيدعم توجههم او يمنعهم عن غيره لسقط التكليف وانتفت الحرية والمسئولية وما يترتب عليه من ثواب وعقوبة .. وذلك قدح في العدل ..

اذن القاعدة الاولي في الكشف والكرامة وخرق العوائد (ألا تغير من مناط التكليف لصاحبها او من يشهدها )

وربما شهدها من ليس علي ذات يقين صاحبها .. فتكون عليه بلاءا وفتنة واختبارا .. فلا يستطيع تفسيرها بالولاية أو بغيرها من الفراسة ..
وتلك لا تتطلب اليقين في الشاهد لانها لا تزيل مناط التكليف .. فهي في ذاتها تحتمل تأويلين .. وبالتالي فهي في ذاتها اختبارية ..
ومن هذا النوع (من شهد كلام المحدثين والذين يقرؤون الواقع والخبايا .. فتحير بين المكاشفة والفراسة والذكاء)

وبناءا عليه ..
فالمكاشفة لا تكون لمدعي وزائف وغير متحقق ..
بل هي من لوازم مقام اليقين ..
فإن حدثت لخال أو غير متحقق فهي محض تخيل وتوهم او تخييل شيطاني ليزل به القدم ..

القانون الثاني في المكاشفة والذي يفرقها بشدة عن خيالات المرضي والمخابيل ..
أنها لا توافق هوي النفس ولا توائم رغباتها ومخاوفها .. كسائر الضلالات النفسية ..
ولذا فرق القوم بين المكاشفة وبين تخييلات الشياطين ..
فتجدي احدهم يذم رؤية رآها تخبره انه قد رفع عنه القلم فليستحل ما يشاء ..
فيعلم انها محض تخييل نفسي ووسوسة شيطانية .. لأنها توافق رغبة نفسية .. او تخالف تشريعا ربانيا ..
فالله لا يخالف في كشفه ما اقره في تشريعه ..

وهكذا فرق النبي مثلا بين نوعي المنامات ..
الرؤية من الله نورانية بيضاء واضحة .. وتسويلات النفس وحديثها واضغاثها وتداخل افكارها ..
وهمزات الشيطان وتخويفاته ووساوسه ..

واخيرا .. فلا يوجد مصاب بالتخييلات النفسية المرضية يكون متزنا في غيرها ..
بل ان التخييلات النفسية هي جزء من نسق مرضي .. يتكون من تشوه التفكير ولا منطقيته .. واضطراب السلوك .. وخلل المشاعر والوجدان ..
فلا نجد سويا يصيبه الهلاوس في العادة ..
ولا نجد فصاميا خاليا من الاصوات والهلاوس ..


لذا فبرؤية النسق الانساني الكامل للشخصية يمكننا باريحية ان نفرق بين الكشوف وبين الخيالات النفسية والهلاوس السمعية والبصرية ..

واني لأؤمن ان ليس كل من تحدث بكشف فقد صدق في كونه كشفا ..
الا ان اجتمعت له القواعد الثلاثة


١- اليقين له ولمن شهدها فلا تغير مناط التكليف .. وتنفي العدل والحرية
٢- الا توافق رغبة نفسية ولا توائم خوفا بشريا
٣- ان يكون سويا عاقلا فيما عداها
posted from Bloggeroid

لا يعيقنك الإخلاص !

ان احد مداخل الشيطان لترك العبادة هو القدح في نيتها أو ادائها .. فيقعدنا عنها .. !
يأتينا الشيطان فيعظنا !
يصنع لنا نموذجا مثاليا ابتداءا من نية متجردة واخلاص ممتنع التحقق ..
يأتينا ليدغدغ ادمغتنا بنموذج رابعة العدوية وعبادة الله لاستحقاقه لا لجنة ولا لنار .. أو بدرجة اقل لا لنفع ولا لدعم ولا لتوفيق ولا هربا من تعثر دنيوي او بلاء ولا رفعا لمقت .. انما الطاعة للطاعة !

وذاك وهم مركب ..

نعم .. هذا النموذج المثالي هو الاولي والافضل والخير والمستحسن ..
ولكن ليس لمن يسير لله أعرجا كسيحا .. ليس لأولئك الذين التحقوا لتوهم بسلوك طريق القرب ..
فإن الله قد جعل منطلقات العبادة لتحفيز خلقه نفعية في الدنيا والاخرة .. فأخذ يعدد منافعها في الدنيا وعللها ومردوداتها ويرغب فيها عبرها .. ويرهب من الترك والعصيان ببيان سلبية آثاره في الدنيا والآخرة ..
فمن يتمرد علي هذه الطريقة الربانية في معالجة النفوس والتي تناولها الصانع للنفوس نفسه .. لم يصبه من وهمه سوي القعود والتخلف ..

بل ان السائرين إلي الله جعلوا مقام الاخلاص مقام عزيز متأخر من مقامات السير إلي الله .. ليطمئن منا القلب .. فهذه الدافعية التفعية التي نتقوي بها عما قليل تنضج اكثر .. ونتمكن من الاخلاص ..
أما من راهن علي الاخلاص والتجرد منذ البداية .. فهو كطفل متدرب للملاكمة يود ملاقاة بطل العالم في الوزن الثقيل في مباراة في يوم تدريبه الأول !!

نعم نحن نسعي لاخلاص وتجريد .. ولكنه تماما ككل شيء في هذه الحياة وككل شيء متعلق بهذه النفوس .. لا يتأتي عفوا وجزافا .. إنما ينمو مرحليا ويتم تحصيله عبر سعي وأطوار ..

فلا تجعل الإخلاص عائقا عن الفعل لعدم تمكنك الكامل منه .. وكن متسقا مع نواقصك متصالحا مع طبيعتك صادقا مع ذاتك بما يكفي لتدرك صبغة المرحلية في الطريق نحو الله .. وكذا نحو الحصول علي قلب سليم .. وكذا نحو التعافي .. وكذا بكل شيء ..

وحطم هذا النموذج المثالي ااذي يقذفه الشيطان بذهنك تثبيطا وطلبا للممتنع مرحليا .. ولا تراهن علي الحماسة الانفعالية النورانية فيك .. فهي ككل حماسة عما قليل تفتر .. ولا تستعلي علي كيفية معالجة النفوس كما عالجها خالقها ببعض التحفيز النفعي .. وعبر العصا والجزرة .. وعبر اسالة لعابها ببعض المردودات والجزاءات المرتقبة ليسهل عليها ترك الاشتهاء العاجل ..

يمكنك ان تقرأ عن تجربة والتر ميتشيل .. تجربة المارشميلو .. لتدرك طبائع النفوس التي لا تترك اشتهاءا عاجلا الا عبر نفع مؤجل .. بل قل من يتمكن عبر هذا النفع المؤجل من ترك الاشتهاء العاجل .. فكيف بمن لا يمني نفسه الكسيحة سوي بالقيم والمعاني المجردة ..
سيهلك نفسه علي مذابح الاشتهاء .. وستصعب عليه الاستمرارية والمداومة .. وستكون رحلته موجية بين صعود وهبوط .. وفتور وحماسة ..في مكانه .. ولن يبرح نفس موضعه ابدا ..


الاخلاص غاية مؤجلة .. والتجرد أمل مستقبلي .. نضعه في موضعه فلا يعيقنا في مراحلنا الابتدائية من تنقية النفوس ..

فافهم
posted from Bloggeroid

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

انشغل ببواطنك .. طهر قلبك

# لا تنشغل بالتطهر .. فتصير محتلا ذهنيا بفكرة التوبة والسعي نحو ملائكية ربما لا تكون متاحة عمليا أو ممكنة واقعيا ..

لا تظن أبدا أن الدخول علي الله بالاستحقاق .. فمن فعل فقد اكتسب ..!!
ومن أدي فقد استجلب !

إنما هو محض التفضل ..
فليس الأمر بكثير صيام ولا صلاة .. إنما سير قلبي محض ..
توجه روحي ..
معيار التباين بين السائرين ليس كم الافعال والحركات ولا نسبة الذنوب والزلات ..
انما التوجه القلبي القابع وراء كليهما .. وراء الطاعة والعصيان ..
فقلب ممتلأ بالافتقار والتبرأ من الحول والقوة ورد الطاعة إلي باب النعم ومشاهدة كلا من فضل الله فيها وتقصير العبد في قيامه بحقوقها ..
وممتليء بالانكسار والاستكانة والتذلل وراء العصيان .. يحاول الفهم عن الله في القضاء بالذنب ويستشعر المسئولية وعظم الجناية .. ويتبرأ من الحول والقوة في الطهارة والتعفف والتورع ..
ذاك هو قلب واصل .. وان تدنت في العدادات كميات طاعاته .. وتعالت بالعدادات كميات زلاته ..

وربما سبق قلبا .. ارتفعت عدادات حسناته وندرت زلاته إلا أن توجهه القلبي كان مشوبا بالعجب أو رؤية الذات أو استصغار الجناية والغفلة عن ملاحظة التقصير ..

لذا فأصل التطهير داخلي ..
لذا لا تنشغل بصور الأعمال انشغالا هوسيا ..
واجعل محط تركيزك هو طهارة الباطن ..

لا نقول بترك العمل .. او تحقير الطاعات ..
انما نقول بأولوية سير القلب وتطهير البواطن .. وتحرير الذهن من أوهام الاستحقاق ..

لا يصل إلي الله احد باستحقاق .. إنما هو محض التفضل الرباني ..

Posted from WordPress for Android

posted from Bloggeroid

السبت، 17 ديسمبر 2016

الحيلة الشيطانية وحقيقة الخديعة

وكان مما خدعنا به الشيطان .. وربما استخدم الأقدمون في خداعنا .. هو تصدير هذه الصورة بأن مدخل الشيطان الرئيسي إنما يكمن في الهوي !

حين جعلنا نظن أنه يأتينا بوساوس شهوانية فجة .. ومتطلبات بادية تصب في مصلحة الهوي ..
وهذا النوع من الوساوس الشهوية قلما تجده واضحا أبدا .. اللهم إلا لدي شريحة صغيرة ممن استحوذ عليهم الشيطان فأصبح يلقي لهم اغواءاته واضحة جلية غير متقنعة ولا متوارية ولا متلصصة إنما ساطعة التمركز حول الشهوة والهوي ..

أما في الأغلب الأعم من الحالات وفي الاخص لدي العقلاء والنخبة .. لا تجد الاغواءات الشيطانية بهذا الوضوح الفج .. حتي يخيل لأحدهم أنه قد قضي علي شيطانه ولم تعد لديه سوي رغبات نفسه لمعالجتها .. والحقيقة مغايرة تماما لهذا الأمر ..

وتلك هي خدعة الشيطان العظمي ..
أن يصور نفسه في أدمغتنا في مشهد الموسوس بالشر الذي يأتيك ليقذف في اذن عقلك نداءا بالارتماء في حضن شهوة ضخمة أو السقوط في كبيرة او فاحشة ..
ولسذاجتنا ابتلعنا هذه الخدعة .. وتشربنا هذا التصور الذي قصده ابليس بمكره ..

فليس الامر هكذا ابدا ..
وإعادة انتاج صورة الشيطان ومكره في ادمغتنا هي احد الخطوات الأساسية الأولي في تزكية النفس والاستعلاء علي الرغبة والدخول لمقام الاحسان ..
والاستعداد لمقام الحرب مع هذا العدو الخفي ..

ان الشيطان يا صديقي ليس استعراضيا (كالشخصية المسرحية المبالغة في تسول الأضواء ) إنما أقرب للانتهازية والاستغلالية النرجسية (الذي يحقق مراده دون ان يظهر وسائله !!)
لذا فهو لا يعلن عن نفسه بهذه الفجاجة غالبا .. ولا يظهر توجيهاته ونداءاته بهذا الوضوح والصراحة والاستقامة أبدا ..

إنما عادته التواري والإلتفاف والمراوغة !
هو يستخدم البرمجة والإيحاء والإشارات والخطوات التصاعدية الخافتة .. تماما كأي نصاب أو مخادع او سياسي محنك ..

بل هو يستخدم العقلنة والتبرير والرداء المنطقي كأحد أعظم حبائله ..


ان الشيطان بطول إقامته قد خبر نفوس بني آدم كأعظم ما يكون أطباء النفس .. بل بشكل يتعدي ويتجاوز ما وصلت إليه بحوث علم النفس البشري .
لذا لم يعد يضطر لهذا الشكل الفج من التوجيه ..

إنما دوما يغلف مراده ويخبيء غاياته ويواري دوافعه .. ويدخل إلينا من أبواب العقلنة اكثر من دخوله من ابواب الاشتهاء الصريح ..

هو يفتح مائة باب للخير .. لان وراءها تكمن بوابة أعظم للشرور ..
ويدفعك دفعا نحو طريق يبدو نورانيا ..لأن في نهايته تقبع هاويتك !

هو أقرب لأهل العقل والمنطق بإفساد استدلالاتهم .. منه لأهل الشهوة والهوي بمداعبة غرائزهم ..
فالمشتهي ترجي توبته .. أما الموهوم صاحب الضلالات الاعتقادية والمغاليط الذهنية فيعمل وفقا لها ويظن أنه يحسن عملا .. ولا ترجي له عودة في العادة !

لذا فافطن يا صديقي إلي حبائل الشيطان وحيله الرئيسية معك ..
هو يعقلن لك التوجهات اللامستقيمة .. ويحشد لك المبررات المنطقية .. ويناظر عقلك مائة ألف مناظرة في اليوم والليلة أكثر من كونه يوسوس لك بقضاء شهوة او سقطة بعصيان واضح الشر ..

هو رغم ضعف كيده وتهاوي مكره .. إلا أنه صبور متدرج .. حثيث الخطو متباطيء البرمجة .. غير متعجل ولا متهور ولا يفسد طبخته بالاستعراض أو استعجال النتائج .. !


فإن كنت من أهل التعقل .. فاعلم أن العقلنة والتبرير ومنحك الاسباب ومناظرة رؤيتك هو وسيلته لاسقاطك ..

لذا لا عجب ان تجد اهل العقلانية هم الأقسي قلبا احيانا .. أو الأبعد عن متابعة الشعائر والعبادات .. أو الاكثر تغافلا عن تنقية القلب وصون النفس وتزكية الروح ..

واعلم أن اساس تزييناته هو منح الشهوة بعدا عقلانيا .. وصبغ الشر بصبغة نفعية .. وتغليف الهوي بقناع المنطق ..
وترويج الاغواء بوشاح اجتماعي مقبول ..

بل إنه قد أسس لكثير من حيله وبذر أعشاشه ودجن خدعه في كثير من زوايا الحضارة والتقدم والعلم والأنسنة ..

واللبيب بالإشارة يفهم ..
posted from Bloggeroid

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

حقيقة اللاحقيقة !

وسط هذا العبث الطافح حولنا ..
حيث لا حقيقة مطلقة .. ولا أحد يملك ضمانات للحق ..

كل شيء يبدو عابثا وزائفا .. وكل سعادة في حقيقتها مؤقتة أو متوهمة !

حقيقة الحقائق : أنه لا حقيقة مطلقة !

إنما الحقائق بعدد خاطرات الخلائق !

بل إن كل حقيقة تنتمي للمطلق .. ستجد لها ألوف التأويلات والتفسيرات والأفهام والرتوش والإضافات والتعديلات والتحويرات ..
حتي لربما ضاعت معالمها !


الأهم .. انه لابد لك من حقيقتك أنت ..
أي أنه ليس بإمكانك لانك تعلم ان الحقائق نسبية .. ألا تحصل علي حقيقتك !
فلا يمكن لذهنك أن يبقي فارغا خاليا .. محايدا !
محال يا صاح ..

بل محال ألا تعمل وفق حقيقتك .. رغم معرفتك بنسبية الحقائق وزيف كثير منها ووهمية أغلبها ..

ستعمل .. وستحترق نفسك لأجل حقيقة ما رغما عنك ..
وتلك حقيقة أخري ..
وهنا تكمن المفارقة !

فاكتشاف عبث العالم ونسبية الحقيقة .. لن يؤدي بك إلي تغيير شيء ما ..
سيبقي الكون بعبثه ونسبيته .. وستبقي انت جزء منه !
وسيبقي اللاانتماء هو انتماء في ذاته .. واللاحقيقة هي حقيقة اخري .. واعلان العبثية الكونية هو فكر عبثي أخر !!


لذا فراهن يا صاحبي بأنفاسك علي ما كان اقرب للبقاء .. واحرق روحك علي ما كان يصب في المصلحة الادوم .. والنفع الأبقي !
(كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) صحيح مسلم

فكل الناس كما صرح النبي .. يسير ويرحل ويغدو ويتعب ..
وكل الناس يبيع نفسه لحقيقته أو وراء عقليته وأفكاره ..
وان تعددت الافكار وتشعبت الانتماءات والمذاهب والرؤي .. ستبقي تصب في النهاية في أحد محطتين ..
إما الضياع السرمدي ..
او النجاح السرمدي ..

فحقيقة الآخرة بهذا الشكل من التطرف بين النقيضين ..
لا تعرف الآخري المناطق الملونة والرمادية والمفاوضات والتوسط ..
الآخرة وحدها تعري الحقائق المتعددة وتمحق النسبية .. ليصير القوم إلي فسطاطين بلا ثالث ..
إما حرية دائمة .. وإما تحرر زائف ..

(أبق العبد .. ) أي هرب من سيده .. فلا هو حصل علي حريته .. ولا استعاد كرامته انما صار طريدا مطالبا ما دام حيا ..

وهكذا الامر في حقيقته الاختزالية الأخيرة ..
إما العتق .. أي الحرية والكرامة ..
وتلك حقيقة تجربة الحياة .. أن تترك زيفها نحو التحرر الحقيقي منها والاستعلاء عليها .. والصعود نحو الحياة الحقيقية الباقية الخالية من الزيف واللمعة والبريق المخادع ..
وبذلك تكون اعتقت نفسك من قيدها وتحررت من استعبادها ..

أما الآبق .. فهو الذي يظن نفسه تحرر .. بمجرد العدو بعيدا قليلا .. وهو لم يزل يرسف في قيوده .. يلهي أذنه عن صوت احتكاكات أغلاله بأرض الاستعباد التي لم يغادرها !

لذا كانت الموبقة هي المهلكة .. !

فالأمر يا صاحبي علي هذه الدرجة من التطرف في حقيقته .. لا يأبه للرمادية والمناطق الوسطي ..
إما تحرر حقيقي .. وإما حرية مزعومة متخيلة ..
إما كسر للقيد ..
وإما تلوين القيد بلون القدم لتبدو حرة .. وهي في حقيقتها ملتفة به حتي العظم .. !


كل الناس يغدو ..
وانت منهم ..

فبائع نفسه ..
وهكذا تفعل انت .. تبيع نفسك لحقيقتك واعتقادك وعقليتك التفاعلية في الحياة .

فمعتقها أو موبقها ..

فاختر لنفسك ..
posted from Bloggeroid

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

ركز علي ما تملك

فلا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجا منهم 

كلما ازدادت خبرتك في الحياة وتعمقت نظرتك إلي كواليسها .. علمت أن كل شيء بحق مخلوق بقدر معلوم .. والمواهب والمنح في توازن استثنائي .. والتوزيع بعدالة غرائبية .. 

انما هي النظرة السطحية الضحلة لدي أهل السخط هي التي تحرك انعدام الرضا لديهم وبالتالي البؤس النفسي المترتب عليه .. 

النظرة السطحية التي تشاهد سطح حياة العابرين دون كواليسهم .. وتستخرج قواعدا عمومية وتقفز إلي استنتاجات متسرعة عبر رؤية المظاهر دون الخوض في أعماق المستور عن السطح الظاهري..

وربما يقتلها الحسد وينغص عليها حياتها تمني ما لدي الغير .. 
فقط لحماقة النظرة ! 

هذه النظرة البائسة والباعثة علي البؤس تتركب من طبقتين
- الطبقة الأولي .. وهو النظر السطحي العابر دون العميق .. والقفز الي استنتاج من زاوية واحدة من المشهد دون تتبع باقي الزوايا .. 
فتركز علي مظاهر المتاع والاقتناء لدي الخلق .. غافلة عن الأبعاد الأخري للسعادة .. والكواليس المستترة التي ربما توزن الكفة وتكمل الصورة المبتورة 
فربما تواري عنك من هذا النعيم الظاهري ما لو علمته لهربت منه هرب المفزوع .. 

- الطبقة الثانية وهي الأهم .. والمحرك الاعظم للبؤس .. والمرتكز الأخفي للمعاناة .. وهي خفية لكونها لا تصيب الحاقدين وأهل الحسد فقط .. إنما قد تصيب انقي الأرواح وخير النفوس .. 
وهي التركيز علي ما لا تملك .. بدلا من التركيز علي ما لديك ! 
أن تعدد ما تفتقد .. وتنهك روحك في احصاء ما ليس عندك .. وتذبل نفسك في تمني ما ليس بحوزتك الآن وهنا ! 

بدلا من ان تلتفت لما لديك .. وتنظر إلي الكون وحياتك من عدسة ما بالفعل بحوزتك لا ما تريد ! 
اننا نسمع الآية فنجريها علي غير ما اراد الله (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) 
فنظن أنه ينبغي ألا نحاول احصاء نعم الله علينا .. وان القضية منتهية فنحمد الله والسلام .. 
والآية انما تدعو فعليا للنظر للنعم والالتفات إلي ما لديك ومحاولة عده مع اليقين بعدم امكان احصائه فتبقي في حالة من محاولة العد المستمر والاحصاء غير المنتهي ابدا .. 
فتبقي في حالة ممتدة من الامتنان .. ويغمرك شعور مستمر متوالي بالرضا .. 

فأن تسحب إلي عدستك ومركز رؤيتك ما لديك فعليا لا شك أنه سيحررك من كثير من البؤس المرتبط بالتمني والتقصي والتتبع والاشتهاء الدائم .. 

أن تركز علي ما عندك الآن وهنا .. وتعيد انتباهك الشارد دوما نحو ما تريد إلي ما تملك .. لا شك سيكون الخطوة الأولي نحو مستراحك الداخلي وسلامك النفسي .. 

إنا لا نقول بتطليق الأحلام واعتزال الطموح .. إنما نقول ان تشيد أحلامك واشتهاءك علي أساس قوي من الامتنان والحفاوة بما لديك فعليا .. وألا ينهشك الاشتهاء حتي تبقي حياتك مجرد سعي مستمر وسعادة مؤجلة وفصول من السرور المتوهم المتعلق بالمستقبل لا غير ! 
فكيف اذن وان كان المراد والمشتهي لا سبيل لتحصيله .. فلا يصيبك منه سوي ادخار الخيبات والاحباط والحسرات .. حتي تعميك عن مدن السلام والراحة والسعادة فيما لديك بالفعل !

وانا ايضا لا اتحدث عن مسكنات للبائسين وأفيون لأهل المعاناة .. إنما أتحدث عن واقع متحقق فعليا ولكننا بشكل ما اخترنا ان ننكره ونزيحه من خارطة انتباهنا حين حشدنا كل وعينا فيما لا نملك .. وفيما نفتقد .. وفي الغائب لا الموجود .. 

ولا ننسي أن كل غائب مشتهي .. وكل ممنوع مرغوب .. وكل ما ليس بيدك فبريقه اقوي وزينته أكثر بهاءا .. 
فيبدو احيانا ولو بزيف بريق الممنوعية اجمل مما لديك .. وإن كانت الحقيقة المجردة مناقضة لهذا الادراك ! 

فلا تغفل يا صديقي لحظة عما لديك .. ولا تنخدع بزيف بريق نعم العابرين .. ولا ترهقك زينة المراد والمشتهي فتفسد عليك استمتاعك بالمتاح والمضمون ! 

زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه .. 

ولا تغفل أيضا عن أثمان هذه الممنوعات وضرائبها المستترة الملازمة لها .. فكثير منها يحمل في طياته فتنة متخفية .. ويأتي كباكيدج كاملة مع البؤس أحيانا .. 

فتزهق أنفسهم .. 

لذا توقف الآن .. واعد ظبط عدستك .. وحول انتباهك قليلا نحو ما منحك الله لا ما منعك .. 

وربما اذا تعمق فهمك .. وارتقي ادراكك .. لادركت كما قال ابن عطاء الله ان المنع هو عين العطاء .. 
ولكن يتوقف الأمر علي زاوية نظرك !

posted from Bloggeroid

الثلاثاء، 31 مارس 2015

حول التصوف


.....
الهروب نحو التصوف كتجربة روحية عميقة كردة فعل من روح متشنجة أمام الزحف المادي .. 
ان ارواحنا تتصحر .. 
يزحف عليها العمران الحضاري ... يحيل تربتها الغضة بناءات حجرية .. 
لا تحسبن الانسان استغني عن أصنامه .. فقط قد استبدلها .. بأبراج وماكينات .. وتقرب للبراندات العالمية وسدنة التسويق وكهنة التسليع والاستهلاك .. 
لذا فإن هذا التوجه نحو التصوف والولع بالصوفية وكلماتهم واشعارهم الذي يبدو كظاهرة واضحة في بلداننا .. هو توجه دفاعي طبيعي .. وردة فعل روحية .. طبيعية لأرواح تدفن لاواعية حية تحت ركامات الجاهلية الثانية .. 
أرواح لم يعد يقنعها الطرفان .. الطرف المادي التسويقي بآلياته وخطابه الدعائي التسويقي ... والطرف الديني المتمثل في المؤسسة الدينية الأزهرية السخيفة بسطحية منابرها وتناولها .. 
وكذا الخطاب الديني المستقل الذي بات بأكمله ملوثا بالأبائية السلفية ... والنصوصية الجامدة والابتعاد عن مصدر التلقي القرآني الأول المتجاوز للزمن والتمركز حول أراء السابقين وفهمهم التاريخي المقيد بإطاره الزمني ..

لم يعد كلا الخطابين يقنعنا ..
الانتماء للحضارة المادية .. وعيش الحياة الراقية تبعا للابعاد الجديدة لم يعد يشعرنا بالاستقرار .
كما أن الالتزام الديني تبعا للأبعاد السلفية والصورة الأرثوذكسية للإسلام لم يعد يشعرنا بالإكتمال .. لم يعد يجيب علي أسئلتنا وشكوكنا ... لم يمنحنا بديلا حقيقيا ومتوازنا ومتناسقا أمام الهجمة المادية علي أرواحنا ..
لم يشعرنا الخطاب الديني بحرية كافية ..
لم يشعرنا سوي بمزيد من الهشاشة .. كتصور مرقع .. مرمم .. ضعيف أمام تنقيباتنا عن أجوبة أمام التفاعلات الحياتية اليومية ..
التصور الديني الحالي الملوث بالسلفية تصور فقير علي جانبي الثقل العقلاني .. والعمق الروحي ..
تصور فقير للغاية علي جانب الأنسنة ومتطلباتها ...
لذا كان الحل في تجربة .. ذاتية .. شخصانية .. صوفية .. من الاتصال بالله ..
تجربة تركب فيها قلبك وحده .. لتسير به نحو الله ..
تجربة متمردة علي الأبائية العقيمة .. وعبادة التصور التقليدي الموروث ...
تجربة مناطها الحرية ..
فوحدها التجربة الذوقية الصوفية تصبح فيها العبودية فعل حرية وجودية ..
وحدها تلك التجربة تمنع الروح من التصحر .. وتزيل كل تلك البنايات المادية المخالفة علي تربتنا الروحية الخصبة ...
وحدها تمنحنا التوازن ..
ووحدها تصمد أمام التشكيك العقلاني .. أو الشهوة المادية ..
وحدها تمنحنا تصورا نقيا متناسقا ارتكازيا شاحنا .. ومرنا بما يكفي ليتكيف مع السباق الكوني السريع ..
الحل في التجربة الذاتية الصوفية ...
ولما لم يكن ملائما في عصور الزيف .. التموضع تحت قدمي شيخ أو ارتداء الخرقة .. أو السوح الدرويشي التجوالي ..
ولم تعد العزلة ملائمة ..
ولا وجود للخانقاه والتكايا .. 
لذا اصبحنا نحتاج إلي إعادة فهم السير الصوفي .. وإعادة تقعيده بقواعد تجديدية ترتكز علي أصوله وجوهره ومقاصده بآليات جديدة وخطاب أكثر وضوحا وملائمة للذهن العصري ...
.......
إننا مجبولون علي طلب الحقيقة .. النقية الصافية .. التي لا يشوبها كدر الوهم أو تعكيرات الخطأ ..
ومجبولون علي تلمس الغايات العظمي .. علي كل الطبقات .. عقليا وعمليا ..
...
والحقيقة عزيزة متخفية ممزقة بين الأطروحات المتعددة حتي داخل الدين نفسه .. ديانات وافكار ومجادلين والكل يعتقد أن قد ملك الحقيقة المطلقة ،، وأنه ممثل الحق الأنقي ..
والانسان الحيادي والموضوعي وصاحب العقل والذكاء والإحاطة والإطلاع يتحير أكثر ..
العقل غير قادر علي التعاطي مع حقيقة يدخل المطلق طرفا في معادلة تصورها (ويندوز اكس بي مش حيشغل لعبة غير ملائمة سوي لويندوز سفن)
لذا كلهم علي خطأ وكلهم علي صواب .. وكلها مقاربات .. والمقاربات تفاوت فيما بينها ولكنها بالنسبة للمطلق علي مسافة واحدة وهي الصفر
اشاعرة ومعتزلة وحشوية وغيرهم
وان كان طريقة السلف اسلم .. وطريقة التوقف في النص المتشابه والتفويض في الاعتقاد هي الاحق
ولكننا نضطر ان نغوص في التأويل والكلام ومقاربات الادراك حين نتعامل مع الاخر الملحد او المبتدع صاحب الشبهة
لايتمكن ادراكنا من التعامل مع معادلة تدخل اللانهاية طرفا فيها
باستخدام عقل ادراكي عاجز وقاصر وغير مؤهل وذلك منحني الخطأ الأول الذي ينتج مقاربة (هي في النهاية ليست حقيقية تماما)
المشكلة الاهم .. ان محاولة الصياغة اللفظية لهذه المقاربة نفسها أمام لغة هي صنيعة بشرية ضيقة عاجزة وقاصرة وغير مؤهلة للتعاطي مع مثل هذه المدركات ..وقصور اللغة اعظم واشد من قصور العقل نفسه .. وهذا منحني الخطأ الثاني المتراكب .. (فتنتج مقاربة اخري لفظية هي في النهاية ابعد قليلا عن الحقيقة من المقاربة التصورية نفسها)
اذن كيف السبيل .. والحواس خائنة والعقل قاصر والحدس يخطئ والتجريب له اشكاليات ادراكه اصلا لأنه في النهاية يعتمد علي عقل وحواس المجرب ..
فما السبيل نحو المعرفة الحقيقية ..
التجربة الذاتية الذوقية .. التي تفني كل هذه .. ومناطها استعلاء الروح علي الجسد بحواسه وعلي العقل والشهوة والحدس ايضا ..
فلما تقوي الروح بحق (لا عن وهم) .. وتصبح هي المسيطر الاكبر علي دفة التوجيه الانساني .. وتصبح هي وسيلة الادراك الأعظم ... حينها فقط يمكنك التعاطي مع المطلق ..
وهو ما يسمي بالمكاشفة ..
لأن الروح من أمر الله .. مطلقة بإطلاقه .. لذا فهي الأقدر علي التعاطي مع هذه المعادلة .. معادلة الحق والحقيقة والاتصال بالله ..
وهنا تظهر اشكالية اخري .. وهو ما يسمي بالعهد او السر ..
الروح تتمكن بشكل ما من الادراك الروحي .. والتماس الحق والحقيقة .. والتفاعل مع الغيب ..
ولكن ليس للروح وسيلة تعبيرية .. وليس لها لسان ينطق .. وليس للأرواح لغة او لفظ ..
لذا فمحاولة تحويل الادراك الروحي لصورة لفظية هي محاولة عبثية ايضا .. عبث مركب ،، وحماقة ... لأننا نعود إلي منحني الخطأ الثاني الذي سبق ان اشرنا اليه ولكن بشكل اكثر اتساعا ..
فاللغة العاجزة واللفظ الضيق الذي لم يستطع النقل المحايد والسليم والثابت المحكم للتصور العقلي القاصر في مقاربته الادراكية ... ستصبح هذه اللغة اكثر عجزا حين تتعامل مع الروح ومدركاتها .. لذا ربما خرج اللفظ والتعبير اكثر تشوها ..
لذا كان عهد الصوفية .. أن يكتموا سر المشاهدة والحضرة والاتصال ..
وكل من حاول صياغة الادراك الروحي قوبل بالتكفير والقتل مثل السهروردي والحلاج او البسطامي ..
واكتفوا بالاشارة ..
واكتفوا بعلم المعاملة .. بأن يمنحوك الوسائل التي تدخلك التجربة الذوقية ويحفزوك نحوها .. ويساعدوك في تقوية حواس الروح .. لتدرك بنفسك ..
فمن ذاق عرف ..
وحده من ذاق ..
لذا لا استطيع ان اعرفك الحق .. أو تتذوق الاتصال ..
وانما اساعدك أن تعرفه ... واشير إلي الطريق الذي تحتاج سلوكه نحو أن تتذوق الاتصال بنفسك .
.......
وفي النهاية لدي اشكالية صغيرة مع الاسماء والانتماءا وخصوصا بعد أن جاء في القرون الأخيرة أناس نسبوا إلي الصوفية فشوهوها ..

الثلاثاء، 24 مارس 2015

الذاكرة والحرام

‫#‏الذاكرة_والحرام‬
النظر الحرام يضعف الذاكرة ..
واتباع الشهوة يحرم العلم ..
هكذا قال السلف الصالح ..وهكذا وصلت إلينا توصيتهم ..
أخذناها علي محمل البركة والتحفيز ..لا علي محمل الجد والتأصيل العلمي الحقيقي ..
لم ندر أن هناك حقا هناك رابط ما بين العفة وقوة الذاكرة ..
وأن النظر الحرام واتباع شهوة الجسد علي وجه الخصوص دونا عن باقي الذنوب يحرم العلم ويورث النسيان ...
يلتهم الذاكرة ..
وصلت الينا كلمات الشافعي الشافعي حين نظر إلي امرأة ..فتعثرت ملكات حفظه الخارقة ..وشكي الي استاذه وكيع ما يجد ..
شكوت الي وكيع سوءحفظي..فارشدني الي ترك المعاصي
وقال لي ان العلم نور ..ونور الله لا يهدي لعاصي
وكان سعيد النورسي الذي سمي ببديع الزمان بسبب ملكات ذاكرته الخارقة ..وسرعة حفظه العجائبية يقول
( صون عزة العلم يمنعني من النظرة الحرام )
قد نشرت دراسة في المجلة الطبية المسماة journal of sex research
قام بها مجموعة من الباحثين الالمان .. من خلال تجربة عجيبة ..
وذلك بتعريض الشخص لصور ايجابية (كضحكة طفل) ...وصور سلبية (كالقتل مثلا) ..وصور اباحية (بورنوجرافي) ثم اختبار ذاكرته بعد كل واحدة من اولئك.. وقدرته علي الاستحضار والتذكر ..
وبعدها ايضا عرضوا الرجال لمائة صورة جنسية .. وسألوهم ان يرتبوها تصاعديا من حيث الاكثر اثارة ..وجدوا ان اكثر الصور اثارة هي نفس الصورة التي تعيق الاستحضار والذاكرة بشكل اكبر اثناء الاختبار الاول ..
وقد استخلصوا حرفيا
(النتيجة الرئيسية من التجربة ان الذاكرة الفعالة يتأثر ادائها سلبا بمشاهدة البورنوجرافي (الاباحيات) مقارنة بالصور الايجابية والسلبية علي حد سواء ويتناسب التأثير السيء علي الذاكرة طرديا ويزداد اثره كلما اشتد المؤثر الاباحي شدة أو تكرارا )
هناك ملحوظة لطيفة بخصوص الدراسات الطبية التي تجري حول مشاهدة الافلام الاباحية
يقولون انهم احيانا لا يستطيعون تنفيذ الدراسة لا بسبب حميمية الموضوع وسريته .. انما لانهم يبحثون عن مجموعة ممن لا يشاهدون الافلام الاباحية ليقارنوا بها النتائج control group فلا يجدون ...
وكما يقول دكتور سيمون لاجينيس .. (الرجل الذي لم يشاهد الاباحيات يوما ..لم يوجد بعد) ..
ودراسة اخري اجريت ونشرت في مجلة JAMA psychiatry
بتاريخ ٢٨ مايو ٢٠١٤ تقول ان نسبة المادة السمراء (التي تمثل اجسام الخلايا العصبية الرئيسية) بالمخ تتناسب عكسيا مع معدل مشاهدة الافلام الاباحية .. اي كلما ازداد ادمان مشاهدة الاباحيات كلما انكمشت المادة السمراء وبالتالي يقل الاداء الذهني بكامله ... وذلك من خلال مسوح الرنين المغناطيسي التي اجريت علي المتطوعين للدراسة ..
وقد صدق سادتنا الاقدمون من السلف حين فطنوا لهذه الحقيقة ..
اطلاق البصر وادمان الاباحيات واطلاق العنان للانفعال الشهواني يدمر الملكات الذهنية ويؤثر بشكل ما علي الذاكرة والذكاء والأداء الذهني ..
للذنوب جراحاتها وأعراضها الجانبية ..
‫#‏هيكل_الحكمة

الثلاثاء، 15 أبريل 2014

انقباض البدايات






ما سر ذلك الانقباض الداخلي الذي يظهر في بداية طريق التوبة والعودة إلي الله ..؟؟!!
أجمع الكثيرين أنهم يصابون بحالة من الضيق والاختناق والقلق واضطراب النوم احيانا في الأيام الأولي التي تلي التوبة (بلذتها) والعودة لطريق الله ومحاولة السير في طريق الحق ..
مما قد دفع بعضهم إلي ترك الطريق في بدايته والعودة للغفلة ..
لماذا تكون الحياة اليومية العادية احيانا لدي بعض الناس في الغفلة والعصيان اسهل واشهي واكثر انشغالا واقل تفكير وقلق .. ؟؟!!
لماذا يغامر بعض الناس بالبقاء علي الانشغال بالعصيان واللهو علي مواجهة الضيق النفسي في المرحلة الوسيطة من التوبة ...

دعونا نجيب ببساطة علي هذه الأسئلة ..