الجمعة، 30 يوليو 2010

فقدٌ .. ووجد



أحياناً نحتاج أن نمد أيدينا إلي أنفسنا .. أن نربت نحن بأنفسنا علي أكتافنا..
وربما نلتفت فلا نجد أحداً ..
فنضطر أحياناً .. أن نقبل أنفسنا .. نحتضن أنفسنا .. نحب أنفسنا ..


وأحياناً نحتاج أن نكف عن تعليق المشنقة لأنفسنا .. نحتاج أن نشعر ببعض الشفقة علي أنفسنا فنكف عن جلدها ..
نترك لها لحظات للراحة ..
لماذا تشفق علي الجميع .. ولا تمنح نفسك بعض الشفقة .. وأنت الأحق بها ..
لماذا نتآمر أحياناً مع العالم علي أنفسنا .. والخاسر هو نحن في النهاية ..


فمن هذا الباب .. اكتب الآن ..
احتضاناً لذاتي .. وربتة علي كتفي .. وقبلة علي وجنتي .. ودعماً طالما افتقدته مني لها ..
أحاول أن أكون لطيفاً مع نفسي في الحق ولو مرة ...

فإننا أحياناً نسيء فهم الأقدار .. ونلوي أعناق التأويلات .. فقط لنمنح أنفسنا مزيداً من الاتهام ..
أو نمنح الكون مزيداً من اللوم ..
لنشعر بمزيد من الخيبة ..
هون عليك ..
فليس كلما أظلمت الدنيا .. معناها انقطاع التيار .. وضياع الطريق ..
فأحياناً يظلم الكون ليمنحنا بعض السكون لنعيد ترتيب أنفسنا من الداخل ..
فقد أمضينا النهار بأسره .. نرتب أوراقاً خارجية .. ونعيد تنظيم الأثاث ,, ولم نزل نشعر ببعض الفوضي ..
ذلك لأن بعض اللفوضي ذاك .. يسكننا ..
والظلام يمنحنا الفرصة لترتيب فوضي الداخل ..

"ففي الظلام تسطع أضواء النفس .. وفي الصمت يعلو صوت الضمير .. "

ومن الظلام الذي ليس بظلام حقيقي .. إنما هو تلك الفرص .. ظلام الضيق اللاسببي ..
الذي يصيب بعضنا لحظات ..
وأحيانناً تنمحي اللذة في أفعال وأفعال قد تبعث علي الجميع البهجة ..

" اعملوا فكل ميسر لما خلق له "
أحياناً يرفع الله المتعة .. ويعطل قانون اللذة .. ليجبرك علي سلوك الطريق المغاير ..
ليجبرك علي أن تبحث عن لذات أخري .. في طرق أخري ..
إن الخير كل الخير حين يضيق صدرك بكل برامج الاعلام .. وكل جرائد العالم .. وكل ألعاب الحضارة الجديدة ...
وتجد الخواء في العمل .. والفقر في كثير المال ..
وتجد اللارغبة هي سيدة علاقات العشق ..

فتبدأ في التنقيب عن لذات جديدة .. فتجرب لذة الصمت .. ولذة السكون .. ولذة الليل ,.. ولذة الذكر ..
حين لا يرتاح إلا بيته .. ولا تسكن إلا في أزمنته المختارة ..
حين تشتاق إلي أن يفتح عليك كوة مناجاته .. وسراً من اسرار كتابه ...
لذات .. تعيد ترتيب أبجديات التلذذ لديك من جديد .. تسحق مفاهيم اللذة القدجيمة ..
وتتفتح علي يديها مفاتح مستغلقاتك ...
لتجد الراحة في السير نحو الله ..
وكأنه يخلصك عنوة .. ينتزعك .. يقتلعك ..
يقطع علائق القلب ليصفو لنظره ..
ألم يقل الله في القرآن المخلصين بفتح الللام .. ولم يقل المخلصين بكسرها ..
فالله هو المخلص ..
يخلص العبد له .. فيصير مخلصاً ..
وتلك هي عملية التخليص .. منة المنن .. ونعمة النعم .. وفضل الأفضال ..
أن يضع الله عليك اختياره .. ويأبي أن تحظي بك الدنيا .. أو يظفر بك الشيطان ..
حتي لو اخترت أنت هذا ؟؟؟؟؟!!!!

نعم ..
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام .. ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ..
قال للإسلام ولم يقل بالإسلام ..
إن جعل انشراح الصدر في طاعته .. وقمة اللذة في مناجاة اليل .. وأغلق لسانك عن الشكوي إلا له .. وطوي نجواك عن البث لغيره ..
واغلق عليك سبل اللفرار .. وجعل الضيق كل الضيق في لذات الدنيا المخالفة للأمره .. أو الشاغلة عن سبيله ..
فاعلم أنه أراد بك خيراً ..
فأبشر ..
لا .. بل ارقص فرحاًَ ..
والق الهموم ..
وارحل إلي السعة والروح ..
ارقص ..
فما من شيء أحق بالرقص من فرحة كتلك ..
ما من شيء يستحق الفرح في الكون كتلكم المنة ..

اربت علي كتفك .. واحتضن نفسك .. وقبل جبينك .. واهمس في اذنك " كل شيء علي ما يرام"
ليس الأمر ضيق .. إنما هو ضيق مقنن .. وهم مقنع ..
إنما هو ألم الأنتزاع .. أصوات تحطيم العلائق ..
وشظايا القلود المسحوقة ترتطم بيديك التي اعتادت التكبيل ..
ارقص .. أم أنك اعتدت الأسر .. ونست عيونك حلاوة النهار الأبيض ..
ارقص .. فقد حان أوان فك سجونك .. واطلاق سراحك ..
كطير في سماء الله ...
تحلق نحو الله ..
نحو الأحد .. الذي ما استحق غيره أن يكون للحياة غاية ..
وما كان لسواه أن يكون في الدنيا مقصداً ..
وما كان لدونه أن يكون من القلب مبتغي ..
هو المقصد .. والهم .. والمبتغي .. والمآل .. والمنطلق .. والغاية ..

من وجد الله فماذا فقد .. ومن فقد الله فماذا وجد ..
كيف لبشري فقده ألا يقوم فليصلي علي نفسه أربع تكبيرات ويعلن النياحة علي موته القديم .. موته الخبيث .. موته السارق ..
وكيف لبشري وجد الله أن يتحسر علي شيء قط .. أن يحزن علي شيء قط ..
كيف لبشري وجد نفسه .. عند الله ..

ألا يربت علي كتفه .. ويأخذ بيد نفسه ...
في رقصة طويلة ..... رقصة فرح ..
تسمي ركعتين ...

الثلاثاء، 27 يوليو 2010

أزمنة الأسطورة


كثير منا حين يطالع أساطير اليونان القديمة .. وعجائب الأولمب .. وصراع الألهة والتايتانس والبشر .. وأقاصيص أخيليس وأوديسيوس ... وحكايا بروميثيوس وديونيسيس .. يعجب كيف تحولت هذه الأساطير إلي عقائد يؤمن بها البشر في أزمنة قديمة ..
 وأساطير بابل .. والسيلتك ..
هل يمكن للأنسان أن يغوص في وحل الخرافة إلي ذاك الحد .. وما المنطلق لتلك الأساطير ..
وماذا يمكن أن تفسر الأسطورة من دقائق النفس البشرية ؟؟


بعيداً عن جدليات العلوم الحديثة ونظرياتها الإفتراضية البحتة ... يمكننا أن نتفق جميعاً علي أن الاسطورة بدأت أسطورة  ثم تحولت إلي عقيدة ؟؟
بمعني أنها لم تكن إلا خيالات شعرية .. وروائية .. ومسرحية .. ونكات .. وأقاصيص .. ونوادر .. الكل يعلم أنها غير حقيقية ..
ولكنها لما تحوي من الاسقاطات والعبرة .. انتشرت وانتشرت .. وراقت لأسماع الناس ..


كيف تحولت الأسطورة عبر الزمن إلي عقيدة .. لأنها ببساطة تكمل مواطن النقص في النفس البشرية .. تعطيها حاجة ذاتية هي الحاجة إلي الإرتقاء .. والعلو .. والتسامي .. Transcendence
حاجة الإنسان إلي العوالم الأخري .. والخروج من مادية الواقع ..
شعوره الدفين بأنه أكثر من مجرد الجس المادي .. وأن الكون يتجاوز معناه المادي المحدود ...
حاجته إلي كسر القوانين المادية .. وتجاوزها إلي عوالم أخري بلا جاذبية .. وبلا عجز ومرض ..


الأسطورة أعطت الإنسان الفرصة لكي يكون أكبر منه .. وأقوي منه .. وأكثر مرونة .. وأكثر قدرة ..
أعطته الفرصة لكي يهرب من الواقع .. لعوالم أخري بلا تلك القيود التي تشعره بالعجز ..
الأأسطورة انطلقت من شعور الإنسان بالنقص والعجز .. وتغذت علي شعوره بالنقص والعجز .. واندثرت حينما صارت تؤكد هذا الشعور ذاته وتضخمه حين يفيق الإنسان من الإسطورة ليرتطم بالواقع ..


لماذا هذا الحديث ؟؟؟


لأنني استغربت ماذا يحدث الآن في العالم ؟؟؟؟
إن المطالع المحايد والموضوعي والحصيف يلمح ذاك التوجه العالمي الحالي .. للعودة إلي الاسطورة .. أو ما يشبه زمن الأاسطورة ..
البوكس أوفيس العالمي وصناعة الأفلام .. هاري بوتر .. تويليت .. انسبشن .. هيلبوي .. ايراجون .. مملكة الخواتم .. كلها تنطلق من صياغة عوالم اسطورية وابطال اسطوريين
السوبرمان .. والبات مان .. السبيدر مان .. الأيرون مان .. الكات وومن ..
مسلسل هيروز .. مسلسل 4400 .. بافي .. أنجيل ..
والروايت المقتبس منها تلك الأعمال ..
ألعاب افيديو في السنوات الأخيرة كلها أيضاً تحوي تلك العوالم .. إيلدر سكرولز .. كرايسيس .. وغيرها الكثير والكثير
أردت فقط لفت النظر ..


الإنسان رغم كونه أصبح اكثر قدرة .. وتقدماً .. وحضارة .. وأكثر قوة علي مواجهة الطبيعة كما يظن ..
أصبح رغم كل هذا أكثر شعوراً بالنقص .. والعجز ,, والضياع .. والخوف .. والخواء ..
ولا عجب أن يكون الدواء الأكثر رواجاً عالمياً الآن .. هو مضادات الإكتئاب ..
ويكون الإكتئاب المرض الثاني عالمياً بعد أمراض القلب ..التي يلعب هو نفسه دوراً في تكوينها ..
ولا عجب أن تسمي عصورنا الحالية عصور القلق ..


ولا عجب أن تعود الأسطورة بقوة ..
ولا جب أن تمر الأأسطورة بمراحلها التالية .. لتصير عقائد ..
فلا عجب أن كل من يشاهد كمثل هذا .. وينصبغ عقله بإمكانات تلك العوالم .. أن يسبح خياله فيها .. وتنصبغ طرق تفكيره بملوثاتها ..
ويجد يها المهرب ألأأكبر من الواقع ................


ولا عجب أن تكون أزمنة الأساطير وتحولها إلي عقائد هي المراحل الأأخيرة التي تمر بها الحضارات دائماً قبيل سقوطها .....
وكلنا منغمسين في ذاك التحول بطريقة أو بأخري ..
كلنا نصفق ونطبل للأساطير .. دون أن نشعر أنها وإن أعطتنا بضعة من ارتياح .. وبضعة من هروب ..
سيتكون صفعة الواقع أقسي واقسي ..
ستهدمنا .. وتهزمنا .. وتزيد عناء الإنسان ...

الإسلام هو الحل ..........
ليس حلا للأسطورة .. أو حلاً للتحول البشري الحالي نحوها ..
وإنما حلاً للحاجة الأصيلة ... الحاجة للعلو .. والتسامي .. وتجاوز الواقع ...
ولكن عبقرية الإسلام عن غيره أنه واقعي متسامي realistic Transcendence أو transcendental realism
بمعني أنه ينطلق بتجاوز الوافع من الوافع نفسه ..
يقدم سوفت وير للعقل .. يجعله يعالج إدراكه للواقع بنظرة تجاوزية ..
فالإسلام الذي يقدم قواعد ومتطلبات لعالم الشهود .. وفقهه الخاص ..
هو نفسه الذي يقدم عوالم الغيب الحقيقية .. والمعجزة والكرامة .. والعالم الآخر .. والآخرة .. والخلود .. والإمكانات اللامحدودة المتوقفة علي الأأداء البشري نفسه في عالم الواقع ..
اي يجعل إمكانات عالم الأخرة الغيبي متوقف علي الأداء البشري في عالم الدنيا الواقعي ..

يجعل الإنسان هو الذي يصفع الواقع بصفعات الصبر والاحتساب .. والرضا والدعاء .. والإرادة .. واليقين ... والتنفويض ..
المسلم يهزم الواقع .. حين يشبع له الإسلام حاجته إلي تجاوزه ..
الإسلام يقدم العلو الحقيقي المستمد من الواقع ذاته .. والمنظومة الإتعقادية الأغسلامية بهذا تقدم الخلاص من الأأرق والقلق والاضطراب الذي يحياه بشر الألفية الجديدة ..

هم يقدمون لنا اساطير وليدة .. عقائد انهزامية تتشكل ..
فلابد أن نقدم لهم الخلاص ..
بالمنظومة الإعتقادية الإسلامية المتناسقة مع ذاتها .ز متناسقة مع الكيان البشري .. ومتناسقة مع الكون ..
بل ...
ومنسقة لكل هذا ايضاً ..........

الاثنين، 26 يوليو 2010

أحجيات


إننا قد نبقي طويلاً نحيا بصدق وعمق وتفاني ..  معاني زائفة ...

ثم نستيقظ  ..

فنعدو إلي المعاني الحقيقية .. لنحياها بزيف وقشور ونفعية  ..

ياللحماقة ........؟؟

تري أهناك مرحلة أخري لليقظة ؟؟

ببساطة ..
 حياة قديمة للأدب والرواية .. والفلسفة .. والجدالات الفكرية العقيمة .. لم نعبأ حينها بفقدان الغالي والرخيص .. صدقنا الزيف .. كنا صادقين مع الزيف...
ثم استيقظنا ...
إلي حياة الروح .. والعروج إلي السماء .. والسلام السرمدي .. والصفاء الأبيض النفسي .. تزيفنا للصدق .... صرنا زائفين مع الصدق ..
لم نزل ... لم نخط خطوة واحدة تحسب ..

خطوة واحدة .. كخطواتنا العابثة القديمة ..
خطوة واحدة .. غائية حقيقية ... نحو الحقيقة ..


مولانا خذ بنواصينا إليك .. أخذ الكرام عليك ....
......................................................................

لا نرضي في الدنيا بما دون الصدارة ..

ولا نطمح في الجنة سوي بغرفة البواب ..  ؟؟؟؟؟؟؟؟



اه من الطمع حين يجتمع مع الحماقة ....

لبيك الطمع الأبيض .. لبيك الطمع المحمود .....

.................................................................

مفاتح القرآن لا تنال إلا لروح طاهرة ...
فإن ظاهره لا يمسه إلا المطهرون .. طهارة الظاهر لمس ظاهر النص ..
 فما بالك بباطنه ...
طهارة الباطن .. لمس باطن النص ..

والعجب كل العجب .. أن طهارة الباطن ذاتها لا تنال إلا بالقرآن ذاته .. بأسراره وبواطنه ...
فيالها من أحجية ...
ما لها سوي حل وحيد .. أن تبقي دائماً تحت جناح القرآن ..

لربما انفتح لك بالمنة سر من اسراره .. فطهر به باطنك .. لتنفتح لك أسرار وأسرار ..

ولربما طهر بالمنة الباطن يوماًَ للحظة .. فانفتحت الأسرار ....
هي حلقة القرآن المفرغة ..... المليئة ................................................
...................................................................


لم يزل سنوات يبحث عن شيء ما ... حتي أعياه البحث ...
فلما وجده ...
لم يزل سنوات .. يهرب منه .. حتي أعياه الهرب ........

.......................................................................................

........................................................................................
وأحجية أخري :

وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ

الأحد، 25 يوليو 2010

أصوات ... وأصوات

كنا في صلاة العصر .. الركعة الثالثة ..
وفجأة ...
سكن كل شيء ..
اندهشت ..
فالمفترض أن يكون كل شيء ساكناً بالفعل .. فالصلاة سرية .. والمسجد صغير .. فكيف لا يكون ساكناً ..
علمت حينها أننا قد اعتدنا الضوضاء حتي نسينا طعم السكون ..
فنستنا السكينة .. تباعاً ...

فحين انقطع النور في الركعة الثالثة .. توقف التكييف .. والمراوح .. والمايكروفون بزنته الخافتة .. كل تلك الأاشياء تصدر ضوضاء عنيفة .. لا شعورية .. تؤرقنا تقلقنا ... تمنعنا من الخشوع .. وتمنعنا من ذوق السكون ..
تمنعنا من السلام للحظات دون أن ندري أصلاً أنها موجودة ..

أصوات السيارات .. الماكينات .. الأبواب المصطكة في عنف ..
التلفاز شغال .. ومنطفيء بشحناته وذبذباته ..
المحمول برنته .. وصامته بالهزاز ..
الهمسات .. ال .. ال ..
لقد اصبحنا نحيا في حضارة الضوضاء ..


وقد اكتشفت هذا أخيراً .. فشتان بين أن تلعن حضارة الضوضاء .. وبين أن تذوق طعم السكون ..
وتحولت الصلاة علي غير المتوقع ..
فقد كنت أتوقع تذمراً من حر الصيف .. وضيق المكان .. ولكن للسكون هيبته ..
أتي خشوع أخاذ .. استولي علي المصلين ..

وكأن الإمام صار ملاكاً ذو هيبة ..
وكأنه حين انقطعت الكهرباء توقف الوقت ..
فهكذا الخشوع .. أن يزول الوقت .. وينمحي الزمن ..
كانت أجمل ركعة نهارية .. منذ أزمنة بعيدة ..
ركعة ساكنة .. في ضوء نهاري خافت يتخلل نافذة السمجد يسقط علي العين بحنو .. كمسحة سكينة ربانية ..

رنت في اذني أيه ..
" وله ما سكن في الليل والنهار "

وأتتني أحاسيس الظلمة اليلية .. والتنزل القدسي في جوف الليل .. والسكينة المتكومة هناك في السحر تنتظر دوماً من يقتطع منها قضمة ..

تمنيت لو انقطعت الكهرباء للأبد .. أو بنوا لنا مساجد في الخلاء .. بلا طرق محيطة .. وبلا كهرباء .. وبلا صوت إلا صوت مياه رقراقة تتدفق علي كفي متوضيء في الميضة .. وأرجل محتكة في تجانس ركوع متزامن لصف مرصوص ..

تذكرت ما حدث بالأمس بعد العشاء ..
فقد انقطعت الكهرباء ايضاً ولكن بعد الصلاة ..
ونزل ظلام كثيف .ز ظلام لا تميز فيه أصابعك . أو حتي اتجاه القبلة ..
علمت حينها كيف هي .. صلاة العتمة ..

وكيف رونق الليل .. وبهائه الأاسود .. وكاريزما العشاء الحقيقية التي تاهت منا ..
ولدقائق قبل أن تلمع أضواء الموبايلات .. اقتنصت قضمة أخري من السكينة الساكنة .. الرابضة في ظلمات النفس تنتظر غوصاً داخلياً لنيلها ..
تنتظر اشعاعاً من الظلام الساكن .. لتضيء .. وحدها أراضي النفس المهجورة ..


بالأمس حين الأنقطاع .. حدث الاتصال .. قمت أقتنص ركعتي السنة في الظلمة .. ويالها من ركعات .. تشعر وكأنك لم تصل قبلاً ..
أه كم شوهنا جمالية الكون ..

ما أصبح أحدنا ينظر إلي القمر ..
فكيف تراه مع سطوع المصباح الفلورسنت .. وأباجورة الليل الحيادية السخيفة ..
لم نعد نشعر بدفء الشمس .. بجوار ضابط حرارة المدفأة المقنن .. الذي لا يحرق .. ولا يمنحنا ما يكفي من السمرة لنتغير .. أو لنتذكر بعد ايام أنا كنا في الدفء ..
المدفأء لا تمنحنا الذكري كالشمس ..
والمصباح لا يمنحنا النجوي كالقمر ..
والكهرباء لا تمنحنا ما يكفي من السكون .. لنتحرك بعدها ..

إن تضييعك للسحر .. وسويعات الليل الغابرة حين يتوقف صراخ الحضارة قليلاً .. لهو درب من الحماقة ..
ففي واقع الحياة الإلكترونية عديمة الجدوي الحالية ..

فقط في الليل الساكن نتذكر من نكون ..
نقتنص لحظات .. لنتعرف علي أنفسنا بصدق ..


لنخشع مقدار ركعة ........................

الثلاثاء، 20 يوليو 2010

مش عارف اسميها إيه .. تحليق .. زي بعضه


كيف نفهم الآخرين .. وأنت ببساطة عاجز بالكلية عن فهم ذاتك ..
أحياناً تقف أمام نفسك مندهشاً من تلك الطاقات العملاقة .. والإمكانات الهائلة .. وما تستطيع أن تكونه ..
فقط ما تستطيع ..

وأحياناً أخري في لحظة صدق .. تقف أمامها مشمئزاً لاعناً .. متوارياً .. تحمد الله علي الستر .. فلو كانت للعيوب رائحة ما طاق أحد أن يجالسك ..
وأحياناً تتحير من كل ذاك الضعف المتواري داخلك .. داخلنا جميعاً .. والذي يسطع بلمحات خاطفة .. في فجعة .. أو فجيعة .. أو ربما كارثة .. تفقدك القدرة علي أن تتماسك.. فتتناثر .. وتعجز حتي عن تتبع بدايتك لتبدأ في لململتك ..
كيف بك حينها مطالب أن تضم آخرين .. وتمنحهم القوة ..

كيف بنا نوقن بكل تلك العيوب فينا .. ونواري كل تلك الشهوات .. وندفن كثير من الدناءة والأنانية ..
ثم لا نسمح للأخرين أن يخطأوا ... ولو ربع أخطائنا المتوارية ..
بل لا نسمح لهم أيضاً .. أن يواروها ..

لماذا ننجرف أحياناً .. بكامل إرادتنا ..
ثم نفيق علي إرادة أخري أكثر وعياً .. لنعلم أننا لم نكن في كامل إرادتنا حقاً ..
ويبقي السؤال الدائم .. لماذا نسقط ثانية بعد كل توبة .. ؟؟



وعلي الجانب الأخر من المرآة .. تندهش ..
في لحظات شفافة ..كريستالية .. تشعر بأن دواخلنا ممالك من الصفاء ..

رائقة .. عذبة ..
نود لو نمكث هناك للأابد .. في جوف اليل الغابر .. وحلكة السحر .. في حضن الأرض .. بسجدة ..
نشعر حينها أننا باحتضاننا الأارض .. ارتفعنا .. وارتفعنا ..

ولن نسقط ثانية ..
لن تغرينا الأرض .. ونداءات اللحم .. والغضب .. والشهوة ..
نشعر أن الدواء من الأرض .. بذاتها .. وداوني بالتي كانت هي الداء ..
إن دواء التثاقل إلي الأرض .. والإنغماس في الوحل . وامتداد جذور الطمع في الدنيا .. بالانغماس أكثر .. وأكثر في سجدة ..
نعم اثني جذعك .. واجعل أكبر أوراقك تلامس الأرض ..
اجمع الجذر .. والساق .. والأاغصان معاً .. وانصهر ..
اعبر إلي السرمدية ..
بسجدة ..
اقترب ..
بسجدة ..

ثم نفيق .. علي يوم جديد ..
آه .. كم أكره النهار..  وضوضاءه التي تعكر ذاك الصفو ..

وصفو النفس في الليل .. حين تتعرف إلي بعد جديد للاشياء .. بعد جديد للكون .ز بعد جديد لذاتها .. ذاك الصفو يعكره أقل ذرة ..
من تراب ..

ونحن في واقعنا الحالي .. وحضاراتنا الجديدة ..
نتنفس التراب ..
يملأ صدورنا غبار الخواء .. واللامعني ...
لأن جذورنا انبثت في الأرض ..
ونحن في الأصل نباتات مقلوبة .. تنمو إلي أعلي ..
ينبغي أن تمتد جذورها إلي السماء ..




أندهش حينا من صفائي ..
وحيناً من شروري ..
وحيناً من هشاشتي ..
وحيناً من بسالتي ............
وأحياناً .. وأحياناً ... من توجهاتي ...............

هل سنبقي نبتات مترددة .. لا تعلم إلي أين تنمو ؟؟
ولو علمت .. بقي الضعف يجذبها إلي أسفل .. وهي تقاوم وتقاوم ..
تسقط حيناً .. وتفوم حيناً ..
لتأتي نهايتها .. بلا نمو ..
بلا حياة ..
نهاية علي نهاية ..
ونهاية بلا بداية ..

عذراً فليس الطريق طريق مقاومة .. قدر ما هو طريق ارتقاء ..
إن الطريق الذي يحمل الكنوز والحكمة .. ليس طريق مجاهدة النفس .. قدر ما هو طريق ما بعد الأنتصار عليها ..
ليست الحياة فقط هي وضع الوقود في صواريخ التحليق .. وحمايتها من سراق الماء الثقيل ..
وإنما الحياة هناك .. في رحلة الصاوخ إلي أعلي ..
يعدما يتحرر من جاذبية الأرض ...
يتحرر منها ... بقوة دافعة جبارة .. بسرعة فائقة .. بعدم التفات إلي الوراء ..
بمناورة أولية ..
ومقدمة مدببة .. تتجه إلي السماء ..
تعرف فقط أن ما ينتظرها في الأعلي .. في طريق التحليق أكثر تشويقاً وإثارة ..
فما بالك فيما ينتظرها بعد الوصول غلي السماء ذاتها ...

الخلاصة ..
هناك محطتين .. أرض وسماء ..
والحياة الطريق بينهما .. تصاعداً وتحليقاً ..
ولكنا نضيعها كلها في المحطة .. استعداداً للرحلة .. ونظن أنا بهذا نرضي الله .. ونرتقي .. وما غادرنا ..



والبقية الباقية هناك في المحطة الأخيرة ...