الثلاثاء، 27 يوليو 2010

أزمنة الأسطورة


كثير منا حين يطالع أساطير اليونان القديمة .. وعجائب الأولمب .. وصراع الألهة والتايتانس والبشر .. وأقاصيص أخيليس وأوديسيوس ... وحكايا بروميثيوس وديونيسيس .. يعجب كيف تحولت هذه الأساطير إلي عقائد يؤمن بها البشر في أزمنة قديمة ..
 وأساطير بابل .. والسيلتك ..
هل يمكن للأنسان أن يغوص في وحل الخرافة إلي ذاك الحد .. وما المنطلق لتلك الأساطير ..
وماذا يمكن أن تفسر الأسطورة من دقائق النفس البشرية ؟؟


بعيداً عن جدليات العلوم الحديثة ونظرياتها الإفتراضية البحتة ... يمكننا أن نتفق جميعاً علي أن الاسطورة بدأت أسطورة  ثم تحولت إلي عقيدة ؟؟
بمعني أنها لم تكن إلا خيالات شعرية .. وروائية .. ومسرحية .. ونكات .. وأقاصيص .. ونوادر .. الكل يعلم أنها غير حقيقية ..
ولكنها لما تحوي من الاسقاطات والعبرة .. انتشرت وانتشرت .. وراقت لأسماع الناس ..


كيف تحولت الأسطورة عبر الزمن إلي عقيدة .. لأنها ببساطة تكمل مواطن النقص في النفس البشرية .. تعطيها حاجة ذاتية هي الحاجة إلي الإرتقاء .. والعلو .. والتسامي .. Transcendence
حاجة الإنسان إلي العوالم الأخري .. والخروج من مادية الواقع ..
شعوره الدفين بأنه أكثر من مجرد الجس المادي .. وأن الكون يتجاوز معناه المادي المحدود ...
حاجته إلي كسر القوانين المادية .. وتجاوزها إلي عوالم أخري بلا جاذبية .. وبلا عجز ومرض ..


الأسطورة أعطت الإنسان الفرصة لكي يكون أكبر منه .. وأقوي منه .. وأكثر مرونة .. وأكثر قدرة ..
أعطته الفرصة لكي يهرب من الواقع .. لعوالم أخري بلا تلك القيود التي تشعره بالعجز ..
الأأسطورة انطلقت من شعور الإنسان بالنقص والعجز .. وتغذت علي شعوره بالنقص والعجز .. واندثرت حينما صارت تؤكد هذا الشعور ذاته وتضخمه حين يفيق الإنسان من الإسطورة ليرتطم بالواقع ..


لماذا هذا الحديث ؟؟؟


لأنني استغربت ماذا يحدث الآن في العالم ؟؟؟؟
إن المطالع المحايد والموضوعي والحصيف يلمح ذاك التوجه العالمي الحالي .. للعودة إلي الاسطورة .. أو ما يشبه زمن الأاسطورة ..
البوكس أوفيس العالمي وصناعة الأفلام .. هاري بوتر .. تويليت .. انسبشن .. هيلبوي .. ايراجون .. مملكة الخواتم .. كلها تنطلق من صياغة عوالم اسطورية وابطال اسطوريين
السوبرمان .. والبات مان .. السبيدر مان .. الأيرون مان .. الكات وومن ..
مسلسل هيروز .. مسلسل 4400 .. بافي .. أنجيل ..
والروايت المقتبس منها تلك الأعمال ..
ألعاب افيديو في السنوات الأخيرة كلها أيضاً تحوي تلك العوالم .. إيلدر سكرولز .. كرايسيس .. وغيرها الكثير والكثير
أردت فقط لفت النظر ..


الإنسان رغم كونه أصبح اكثر قدرة .. وتقدماً .. وحضارة .. وأكثر قوة علي مواجهة الطبيعة كما يظن ..
أصبح رغم كل هذا أكثر شعوراً بالنقص .. والعجز ,, والضياع .. والخوف .. والخواء ..
ولا عجب أن يكون الدواء الأكثر رواجاً عالمياً الآن .. هو مضادات الإكتئاب ..
ويكون الإكتئاب المرض الثاني عالمياً بعد أمراض القلب ..التي يلعب هو نفسه دوراً في تكوينها ..
ولا عجب أن تسمي عصورنا الحالية عصور القلق ..


ولا عجب أن تعود الأسطورة بقوة ..
ولا جب أن تمر الأأسطورة بمراحلها التالية .. لتصير عقائد ..
فلا عجب أن كل من يشاهد كمثل هذا .. وينصبغ عقله بإمكانات تلك العوالم .. أن يسبح خياله فيها .. وتنصبغ طرق تفكيره بملوثاتها ..
ويجد يها المهرب ألأأكبر من الواقع ................


ولا عجب أن تكون أزمنة الأساطير وتحولها إلي عقائد هي المراحل الأأخيرة التي تمر بها الحضارات دائماً قبيل سقوطها .....
وكلنا منغمسين في ذاك التحول بطريقة أو بأخري ..
كلنا نصفق ونطبل للأساطير .. دون أن نشعر أنها وإن أعطتنا بضعة من ارتياح .. وبضعة من هروب ..
سيتكون صفعة الواقع أقسي واقسي ..
ستهدمنا .. وتهزمنا .. وتزيد عناء الإنسان ...

الإسلام هو الحل ..........
ليس حلا للأسطورة .. أو حلاً للتحول البشري الحالي نحوها ..
وإنما حلاً للحاجة الأصيلة ... الحاجة للعلو .. والتسامي .. وتجاوز الواقع ...
ولكن عبقرية الإسلام عن غيره أنه واقعي متسامي realistic Transcendence أو transcendental realism
بمعني أنه ينطلق بتجاوز الوافع من الوافع نفسه ..
يقدم سوفت وير للعقل .. يجعله يعالج إدراكه للواقع بنظرة تجاوزية ..
فالإسلام الذي يقدم قواعد ومتطلبات لعالم الشهود .. وفقهه الخاص ..
هو نفسه الذي يقدم عوالم الغيب الحقيقية .. والمعجزة والكرامة .. والعالم الآخر .. والآخرة .. والخلود .. والإمكانات اللامحدودة المتوقفة علي الأأداء البشري نفسه في عالم الواقع ..
اي يجعل إمكانات عالم الأخرة الغيبي متوقف علي الأداء البشري في عالم الدنيا الواقعي ..

يجعل الإنسان هو الذي يصفع الواقع بصفعات الصبر والاحتساب .. والرضا والدعاء .. والإرادة .. واليقين ... والتنفويض ..
المسلم يهزم الواقع .. حين يشبع له الإسلام حاجته إلي تجاوزه ..
الإسلام يقدم العلو الحقيقي المستمد من الواقع ذاته .. والمنظومة الإتعقادية الأغسلامية بهذا تقدم الخلاص من الأأرق والقلق والاضطراب الذي يحياه بشر الألفية الجديدة ..

هم يقدمون لنا اساطير وليدة .. عقائد انهزامية تتشكل ..
فلابد أن نقدم لهم الخلاص ..
بالمنظومة الإعتقادية الإسلامية المتناسقة مع ذاتها .ز متناسقة مع الكيان البشري .. ومتناسقة مع الكون ..
بل ...
ومنسقة لكل هذا ايضاً ..........

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

إن الله لم يختر لنا الاسلام عبثا بل لتطمئن به قلوبنا ولنواجه به مصاعب الأزمان والأماكن وقد صدقت حينما قلت بأننا نهرب للاساطير خوفا من أن نواجه نقصنا البشري ثم نفيق ع صفعه الواقع أما الاسلام فهو دين واقعي سامي.. تسلم الأيادي وللأفضل دوما