من أين ابدأ .. ابدأ بأن أقول ان ما هو آت ليس نسقاً مرتبا ..إنما حالة اعتقادية اتمني أن تصلك خرزاتها علي تفرقها فتنتظم في قلبك وروحك عقداً يتلبسك يافتي .. أتمناك تموت علي هذا .. وتلقي الله علي هذا .. وتتعبد لله في الكون بهذا ...
* إن الله لم يختر اسماً لأياً من شرائعه الخاصة .. أو رسالته المنزلة علي أنبياءه .. ولم يدمغ ملصقاً أو عنواناً لأياً من الرسالات الإصلاحية التي حملها الأنبياء علي مر التاريخ لشعوبهم .. اقصد لشعوب الله ..
إنما من اعطي الأسماء هو الاتفاق العام .. محض الاتفاق .. الذي لم يكن هناك غضاضة في استعماله حتي في الشرائع التالية ذاتها ..
فاليهودية مثلا لم يسمها الله بذلك .. إنما يوماً حين قالوا إنا هدنا إليك .. قال عنهم الذين هادوا .. فسموا يهودا .. وسميت يهودية ..
ولكن ذاك الاسم لم يكن معمولا به في تلك الشريعة ذاتها .. ولم يستعمله موسي وإنما استعمل من بعده دلالة علي اتباعه ..
وإن مشكلتنا الحقيقية الحالية هي مشكلة أسماء ومسميات ... لا مشكلة تصورات أو اعتقاديات فعلية ..
والمسيحية .. لم يطلق عليها ربها هذا الاسم .. ولم يرسل عيسي عليه السلام حاملا دمغة المسيحية .. فقط جاء بدين الله .. ثم اطلق علي اتباعه من بعده اسم المسيحيين .. كاتباع عيسي ...
تماما كما اطلق علي اتباع ماركس .الماركسيين .. وعلي ايدولوجيته الماركسية .. والكل يوقن أن ماركس لم ينزل كتابا بعنوان الماركسية يشره فيه اتجاه الفكري وإلا لألقي في المزابل .. وإنما أخرج فكره مجرداً من ذاك الاسم الذي خصص به اتباعه بعده ..
إن الدين عند الله ليس نسخاً versions .. يحدثها الله كل فترة من الزمان كويندوز .. يوما ميلينيوم .. ويما اكس بي .. ويما فيستا .. ويوما سفن .. ليس يوما يهودية .. ثم ينزل بين طياتها ترقبوا الاصدار الجديد لدين الله المسيحية ..
وهو ليس طبعات منقحة من تشريع كتابي يتلافي فيها أخطاءاً حاشاه سبحانه ..
وليس كذلك مجموعة من الطرق .. والتصورات المتابينة وان اتفقت في الغاية النهائية والمبادئ العامة .. تحمل كل طريقة اسم ممثلها وشيخها ونبيها .. فتلك الطريقة الموسوية .. وتلك عيسوية .. وتلك محمدية ..
والأهم من ذلك كله .. إن الدين الذي آتي به محمد .. لا يسمي الإسلام ..
أو بوجه أدق .. ليس الإسلام هو دين محمد وأتباعه خاصة ..
الإسلام ليس ديننا ..
ليس نفياً عن كوننا من اتباع الإسلام .. بل نفيا لانتماء الإسلام إلينا .. نفيا لاختصاصنا به .. نفيا لاتباع الإسلام لنا ..
نفيا أن يكون الإسلام هو دين محمد وأتباعه .. وغيرهم ليسوا مسلمين ..
بمعني ليس ديننا وحدنا .. إنما دين للبشرية جمعاء .. وليست أمة الإسلام وصفا يطلق علي طائفة دون غيرها .. إنما علي كل بشري .. عفواً بل وغير بشري..
إن الإسلام هو الاسم الوحيد الذي اطلقه الله علي دينه .. علي رسالته للبشر .. علي التصور السليم للحياة .. علي شريعته ..
الإسلام هو الاسم الذي اطلقه الله علي حالة الاتصال به .. والتلقي عنه .. والإيمان بما أرسل به أنبياءه علي مر العصور ..
فبالتالي .. ليس من حق اتباع النبي محمد صلي الله عليه وسلم وأنا أشرف بكوني منهم .. ان يستأثروا بالوصف وحدهم .. ويمنعوه عن خلق الله ..
"إن الدين عند الله الإسلام " "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"
الإسلام هو معني الدين عند الله .. هو ما يتقبله الله من البشر ولا شيء غيره .. هو التصور الوحيد المقبول من قبل السماء .. ولكن هذا الإسلام ليس بعينه الرسالة المحمدية دون غيرها ..
الرسالة المحمدية هي الإسلام والمسيحية هي الإسلام واليهودية هي الإسلام .. وليس الإسلام هو الرسالة المحمدية بعينها .. أو المسيحية بعينها .. او اليهودية بعينها ..
الرسائل السماوية لم تكن ترجمات للإسلام ذاك .. او تدريجا نحو التنزيل النهائي .. أو النسخة الأخيرة منه ..
إنما جميعها كانت وسائل للوصول إلي تلك الحالة حالة الإسلام ..
فلم يكن موسي وشريعته وكتابه واليهودية إلا وسيلة لادخال البشر في دين الله .. وسيلة لإحالتهم لحالة الإسلام .. لا مسمي الإسلام ..
ولم يكن عيسي وشريعته وكتابه دعوة إلي ديانة بعينة .. أو تحديثاً للشريعة الموسوية أو نطاقاً جديدا من التدريج .. إنما فقط وسيلة لادخال جموع أخري من البشر إلي حالة الإسلام تلك ..
فليس الإسلام لقب يرفع علي أحد أو ينزع منه ..
ليس كارنيها يوجب لك دخول الجنة .. ويمنع حراسها كل من لا يحمله ..
الإسلام حالة اعتقادية مدوية الأثر .. فاعلية تصورية مميزة .. ليس قولا أو اثنين .. ليس شعائر حركية .. أو التزامات مالية .. أو اتباع تشريعي لشريعة أو لغيرها ..
إنما كل ذاك وسائل إحالة لتلك الحالة ..
لتلك المظلة التي يدخل تحتها الكثيرين دون اعتبار لخانة الديانة .. ويخرج منها الكثيرين دون اعتبار أيضا لخانة الديانة ..
إن السماء لا تلقي بالا لمحافظكم وبطاقات هوياتكم ..
بل إن السماء لا تعترف بأسماءكم ذاتها .. فاسماءكم لم تكن إلا استحسانا من ذويكم لنغمة صوتية وحرفية بعينها الصقوها عليكم ليميزوكم عن غيركم لتسهيل الحياة ..
أما الله فحاشاه أن يطلق عليكم الأسماء .. أو يحتاجها ليميزكم .. "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "
وكذا تلك الخانات الأخري في بطاقات هوياتكم .. بل صوركم .. وأجسامكم .. أموالكم .. مكاناتكم ..
السماء لا تعبأ إلا بقلوبكم .. لا ينظر الله إلا إلي قلبوكم وأعمالكم ...
إن الإسلام هو الجامع .. الرابط .. المآل .. الجوهر .. الحقيقة النهائية .. لكل الرسالات ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق