الثلاثاء، 31 مايو 2011

مكسب .. وخسارة



يتحسس ملامحه ... يدقق في المرآة .. يشعر أنه يفتقد شيئاً ما فيه ..
احيانا نستيقظ من النوم فنشعر أننا قد سرقنا خلسة .. لا نفتقد حلياً أو أموالاً .. نفتقد شيئاً منا ..
نشعر شعور خفي .. أن هناك شيئاً ما فينا .. قد سقط .. اختفي .. سرق .. تلاشي .. 


وهو كان يشعر بذات الشعور لأيام .. ربما لسنوات .. 
يعد أعضاؤه .. هي ذات اليدين بعدد الاصابع المتعارف عليه .. هي ذات الأنف بثقبين مألوفين .. العين بسوادها الاعتيادي ... 
هناك شيئاً ما مفقود ..
ربما في الداخل ..
لا تفلح الأشعة العادية .. والمقطعية والرنين المغناطيسي .. في التعرف علي المفقود ..
وسط اندهاش طبيب الأشعة .. فهي المرة الأولي التي لا يطالب فيها بالبحث عن مرض .. أو عن ورم .. أو عن تكتل جديد .. أو خلل ..
طلب منه فقط أن يعد اعضاؤه .. أن يبحث عن المفقود ..


هو القلب بأذنيه وبطينين .. وذات الصمامات .. 


-  سيدي الطبيب ايمكنك أن تجري لي اختبار الأبوة .. بيني وبين قلبي .. أرجوك تأكد فقط أن ذاك هو قلبي أنا ..
ليس سفاحاً شيطانياً .. ليس لقيط من زنا الغفلة بالضلال .. 


هو هو .. ولكنه لا يشعر بذاته .. يشعر بالغربة عن نفسه ,,,
وكيف يألف الناس من يشعر بغربته عن ذاته .. فالصديق ليس صديقه .. والحبيب ليس حبيبه .. والأبن لا ينتمي إليه ؟؟!!


تري ما الذي سقط مني ؟؟
ومتي سقط ؟؟
ربما اثناء تحضير الماجستير .. 
ربما أثناء شراء السيارة .. 
او تغيير ديكور الشقة .. 
ربما اثناء رحلة السفاري الأخيرة ... أو المخيم الترفيهي ...
ربما أثناء مجادلة حول لا شيء .. 


ترن في أذنيه آية .. وكأنه يفقهها لأول مرة .. فالفهم لا يحصل كما يكون حين تتلبسك الآيات ..
"أولئك الذين خسروا أنفسهم "


خسروا انفسهم .. 


وكأنها مقامرة غبية .. يلعب فيها الأنسان علي موائد الغفلة والخطيئة .. بذاته نفسها .. 
يقامر فيها بنفسه ..
يراهن علي كينونته .. 
يزايد علي سر اسراره ... علي حقيقته .. علي جوهره ...


ويخسر ... 


والنتيجة .. قول المسيح عليه السلام ... "ماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم بأسره .. وخسر نفسه "


هو يمتلك كل شيء ... ولكنه لا يحمل ذاتاً لتمتلك .. فهو لا يمتلك ..
لديه كل المتع واللذات .. ولكنه في حالة "اللا ذات " أمام "اللذات " .. فكيف يتلذذ ..
كيف يكون .. حيث لا هو .. 


الخسارة النهائية في مقامرة بلا رجعة هناك فيما بعد عتبة الموت ..
أما هنا .. في الدنيا .. فلم يزل الباب موارباً ..
لم تزل المعركة قائمة ..


نعم يافتي .. ارحل إلي ذاتك .. قاتل من أجل نفسك المسلوبة .. ابحث عن كينونتك المفقودة ...
ولكي تجدها ينبغي أن تسلم ما بعتها به .. ما اشتريته بمثنها .. بفوائده وضريبته ..
ينبغي أن تلقي ذاك العالم .. لتعود إليك نفسك ..


وكأنك تكمل "وماذا قد يضر الإنسان إذا خسر العالم بأسره .. وكسب نفسه "

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

يذكرني حديثك هنا بالقول :من وجد الله فماذا فقد و من فقد الله فماذا وجد ؟

وقول آخر: من لم يأنس بالله فلن يأنس بشيءٍآخر ..

أعتقد أن السر في علاقة المرء بربه أولا ..
إذا خلوت بنفسك ولم تجد وحشة أو حائلا بينها وبين الله فقد وجدت نفسك ..

على فكرة هذه هي البداية التي للأسف لم تكتمل ..

timaa يقول...

" ارحل إلي ذاتك .. قاتل من أجل نفسك المسلوبة .. ابحث عن كينونتك المفقودة ...
ولكي تجدها ينبغي أن تسلم ما بعتها به .. ما اشتريته بمثنها .. بفوائده وضريبته ..
ينبغي أن تلقي ذاك العالم .. لتعود إليك نفسك .. "
يا الله كم أوقفني و يوقفني هذا المعنى .. كثيرا جدا
جدا .. أقرئها و كأنها آخر لحظات الحياة .. وقد وعيتها للمرة الأولى ..
تصور كم الحسرة في القلب عندما تعي هذا المعنى في اللحظات الأخيرة .. كم الحسرة ستكون أضعافا ..

هذا القرار هذه اللحظة " أن تلقي ذاك العالم " إلى ما تحتاج لتكونها لتتلبسك دون أن تخلعها من جديد دون أن تلقي بها ثانية .. دون أن تلتفت لما خلفته
تقرر حقا .. لا نية
ماذا تحتاج ؟
أتمنى أن أجد الإجابة عندك ..


/ ملاحظة : اسمح لي فقد ضمنت إدراجك صفحتي

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

حذف التعليقات علامة جيدة
فهي علي الاقل اشارة حياة ، تماماً كأجهزة الطب علامة حيوية جيدة
انت علي قيد الحياة

ولكنك حتي لم ترهق نفسك بمسيرة الكترونية نحو صفحتي
لم يجذبك _ولو بقايا فضول_ لتقرأ

كم أتمني أن يبقي بيننا ولو فضول يحفظ طوافك بديارنا

وكعادتي وكعادتك تهرب كالبط المسكوفي واعدو ورائك لأزغطك النصوص عنوة

______________________________

إلي ممزق

(خيانة)
خنتك تسع مرات ونصف
ولم استح ، ولم اشعر ببعض ذنب
فقد خنتك مع كل الشخصيات التي كنتها انت أمامي
مع كل تداخلات ذاتك وتلوناتك
خنتك مع كل منحي اتخذته نفسك
لأني عشقتك في كل حال
فقد خنتك معك
وسابقي أخونك
فكن كما تريد

(لا احبك)
لم استطع أن احبك
فالحب كما تقول احتواء للمحبوب في دهاليز سرية للقلب
وأني لأمرأة أن تحوي كياناً متشابكا مثلك
لم اتمكن من استلام بداية خيوطك لأبدأ بحبك

لذا فقد أكتفيت بأن احب بعضاً منك
جزءاً منك
احببت غضبك علي الكون المقلوب ، ولم تزل تتساءل لماذا أمشي علي رأسي واحتضن ظهرك
واحببت مصالحتك معه بسجدة وتتساءل لماذا افسد صلاتي دائماً حينما تؤمني وتسجد وابقي في القيام .... لأتأملك

احببت صراخك الدامي في الجموع ان احذروا الهاوية في آخر الطريق
كما احببت عدوك نحوها بلامبالتك الملازمة لخطوك ، ولازلت تسأل لماذا احفر هاويتي في طرقي الموازية
لعلي اذا لم اشاركك الطريق ..... اراك في اعماق سقطة

احببت خطوط يدك وجبهتك وتفاحة آدم التي تذكرني بمعصيتك في وجرمي فيك

احببت عمق عينك الغائرة في وجهك وكأنها سئمت الاستبصار فهربت مثلي نحوك

احببتك جزئياً
فككتك لأتمكن من بعض عشق
____________________________
والبقية هناك
فتعال


s....

غير معرف يقول...

استيقظ من نوم يحتاج معه المرء نوماً ..
ففي حياة لا يجد فيها المرء وقتاً ليحيا .. حياة مزاجها التأفف من أجل الرفاهية .. قد لا تتذكر انك خلدت إلي النوم ..
أنت فقط تسقط فجأة .. يختطفك النوم عنوة ..
ففي موسم الصيد والحصاد والتجميع الإنساني الجديد ربما ينسي المرء أن ينام ...

وهو كان متطفلاً علي حياة التأفف من أجل الترفه ..
هو يسافر إلي عمله كل صباح ..
هم يقولون أن السفر يعلم الإنسان التفكير .. وعادات الشعوب .. ويفتح أفاق الفكر .. وغير ذلك من الترهات البالية .
فهم لم يجربوا أن تسافر من أجل لقمة العيش يومياً داخل مدينتك ..
فإنت علي طرف من أطراف المدينة ... وكانك منبوذ من منبوذيها .. احتفظت بك علي هوامشها .. فلا هي ادخلتك اسوارها .. ولا تركت لك حق المنفي ..
سفر يعلمك التفكير .. في وسائل جديدة للانتحار .. وعادات بغيضة لسائقي الميكروباص .. ويفتح أفاقاً جديدة من التافف ..
إن التأفف .. والإمتعاض عوالم لا متناهية .. لا تنفتح لك اسراراها بمثل الانخراط .. والفناء عملاً من أجل الرفاهية المزعومة ..
في أتوبيس مكيف .. يمر مصادفة علي تأففه ..
الأتوبيس المكيف في بلدتنا ليس مكيفاً بالدرجة المناسبة فالتكتل البشري فيه جعل تكييفه يحتاج إلي انعاش اكسجيني من الشفاطات الرئوية البشرية المتكدسة ..
تشعر فقط أن هناك من يشفط أنفاسك .. يقاتلك علي بعض الهواء ..
فمن كان قوة شفط منخاره الأقوي .. وصل إلي مقصده .. حياً ..
وللمصادفة . أن بين التكدس البشري كان مقعداً فارغاً بجوارها ..
فراغ عجائبي سقط من أعين المتكدسين بشراً ...
فراغ قدري علي حافة الاشتهاء ..
- في حد قاعد جنبك
هي لم ترد .. اكتفت أن تنتقل للمقعد الفارغ .. وتترك له مقعدها ...
ساخناً كان المقعد اثر جسدها المتكوم فوقه ككومة من الاشتهاء المتجسد امرأةً..
ضيقة كانت المساحات بين المقعدين .. مساحات تجبر الأجساد علي نقل تيارات عشقية صامتة .. غادرة ..
وكجسدين كانا علي طرفي معادلة الهرمونات.. لم تكن تصلح الملابس لمنع توصيل تيارات الهوي الغادرة ..
وحدث تماس .. تماس أخرق ..
وكان التناوش سمة اللقاء ..
هي تتأفف من صور الدماء في كراسته ... وهو يتأمل خطها السيء لمادة الأنثروبولجيا الإقتصادية ..
أو هكذا عرف فيما بعد ..
- هو النهاردة امتحانات ثانوية عامة
ربما هكذا أوحي إليه شكلها .. صغيرة كتمرد وليد في مراهق .. كشباب شهوة .. رفيعة متناسقة كأفعي .. بيضاء كرماد نيران أتت علي بقاياه... محجبة .. كاحتجاب السعادة عنه في أزمنة التأفف ..
- لا النهاردة امتحانات كليات
- امممممم .. كلية إيه ؟؟
هكذا اذن بدأ الحديث ..
هو كان يعلم أنها تنتظره .. هكذا النساء في عوالمنا يقبعون في خيام الاشتهاء ينتظرون اقتحاماتنا .. الخطوة الأولي الذكرية البغيضة ..
فإن لم نقتحم .. استسلموا لليأس أو العهر ..

هو لم يكن يود المتابعة .. لم يكن الأمر يستحق ..
هي حافة الحماقة الحافة المقابل للشهوة .. فسور العشق الرفيع .. بحافتيه ... اشتهاء وحمق ..
لم يكن وقته يكفي للحياة .. فكيف يكفي لعشق علي هامش الموت المؤقت ..
حتي استمع للثغتها ... حين استمع الراء تنقلب في اغواء مضني .. غيناً .. أغ .. الراء أصبحت غاءاً من الغواية ..
لتصبح الرواية .. غواية ..
الراء .. تحرشت بالغين .. تمازجت .. تسافحت مع الغين .. انصهرا . اخرجا حرفاً جديداً .. هو الإغراء ..

كصدمة كهربية علي سرير ابيض .. لميت سطحي الموت .. هش الموت .. رقيق الموت .. فيفيق ..
كانت راءاتها ..
اكملي ..
هو كان يستمع .. ولم يكن يسمع شيئاً .. سوي حرف الإغراء ذاك يتكرر ..
هي اصبحت جاهزة لمنحها رقم هاتفه .. ومنح نفسه قصة عشق جديدة .. تعيد له بضعة من حرارة الأنفاس في صقيع التأفف ..

- أنا نازلة المحطة اللي جاية
ذاك كان نداءها الأخير .. من خلف استار الخيمة ..
هي تفتح له ابواب التلصص .. تترك له شبابيك أحلامها تغافلاً اصطناعياً ..
هي تخبره بلغة سرية أنها اصبحت جاهزة لحبه ..

وهو في لامبالاة عجائبية كجمالها ..
يفسح لها طريق النزول .. وسط دهشة المتكدسين .. ودهشته ..
ودهشة القدر .. الذي لم يكن يحسب لحماقته حساباً ..

وهنا بترت قصة .. لم يكن لها أن تكون .. إلا في مقدرات العشق الافتراضية ...
قصة اكتملت بضعة ساعات .. ربما يوماً ..
في أذهانهما ..
في احلامهما ..
في شرودهما ..
ثم تلاشت كدخانات السراب الذهني ..
شردت .. كالشرود ..
.................

s