أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 16 فبراير 2012

الثغرة


اننا _ معشر الإسلاميين _ في عصور ما بعد الحداثة .. تلك العصور التي اصبح العلماء فيها معلبين علي أشرطة .. 
اصبح الأئمة القدامي مصهورين داخل اسطوانات كمبيوتر تحوي فقههم كاملاً ..
اصبحت المكتبات ودوائر المعارف في حجم عقلة الاصبع علي فلاشة او حتي علي برنامج موبايل ..
اصبحت الفتوي تنال بضغطة زر .. والعلوم والاقاصيص والمعلومات تنال بــ (جوجلة) الكترونية سريعة ..


لذا فنحن ببساطة لم نعد نحتاج إلي مزيد ممن يسمونهم العلماء والفقهاء .. 
ليست ثغرتنا ثغرة وعاظ وحكايين .. 
ليست ثغرتنا ثغرة لحي وجلابيب بيضاء تلقي علي مسامعنا من الذاكرة متون العلوم القديمة أو الكتب الصحاح .. فذاك يفعله الكمبيوتر بمجهود أقل وفاعلية اكبر ..


إنما نحن نحتاج إلي ما لن تستطع التكنولجيا ان تقدمه لنا ... والأكثر ألما ... ما لم يستطع القدماء أن يقدموه لنا .
ما يحتاج ليه الإسلام والإسلاميون فعليا ..
نحتاج إلي من يعلمنا كيف نشعر .. كيف نغوص في عمق الحكم الفقهي .. من يأخذ بأيادينا إلي حافة الحكمة الربانية .. 
نحتاج لي فن اسلامي .. 
لا كتلك الفنون الاسلامية التي ترتبط في اذهاننا بالزخارف الثمانية .. او الخط الكوفي .. او الدف الموسيقي .. 
أو بعض الاشعار المقعرة التي تحتاج إلي ترجمات وشروح .. 


اننا نحتاج إلي ثورة في مفهوم الفن الإسلامي .. والإعلام الإسلامي .. والخطاب الإسلامي .. بل والترفيه الإسلامي ..


ان الملتزمين يعانون حقا من عدم وجود اغنية اسلامية عميقة .. (ليس معني الإسلامية هنا ان يكون موضوعها ديني .. بل تكون داخل نطاق وحدود التصور الإسلامي مهما كان معناها )
لا يجدون رواية ملتزمة .. شعرا عميقا ملتزما .. فيلما ملتزما ... نكتة ملتزمة .. برنامج شبابي ملتزم .. (ريالتي شو ) ملتزم ..


اصبحت حتمية علي الملتزمين الموهوبين ان يكبتوا مواهبهم ظناً أن الاللتزام يعني لفظ العالم .. والتجرد يعني كبت الخصائص الربانية الممميزة فينا ..


نحن لا نحتاج إلي من يفسر لنا القرآن .. ويعطينا الاف المترادفات لكلمة ما ..
إنما نحتاج لي من يفسر حياتنا بالقرآن .. من يحيل لنا المقطوعة القرآنية لي واقع حياتي ممعاصر ... 
من يصيغ المقطوعة القرآنية في قالب حي .. من يساعدنا في اسقاطها علي حياتنا اليومية الجديدة القاسية ...


نحتاج إلي من يحترم عقولنا .. ويقدر اختلافاتنا في خطابه .. وويفتح لنا مظلة الإسلام الواسعة .. لا يكون مستعليا في خطابه يظن أنه يمتلك الحقيقة المطلقة .. وإنما كمرشد سياحي يقود فوجا ليريه عظمة التصور الإسلامي ...


نحتاج إلي خطاب ديني مغاير للأطفال .. كارتون جديد غير تلك القنوات العقيمة .. 
نحتاج إلي راب اسلامي .. وبانك اسلامي .. 
نحتاج إلي أنيميشن اسلامي .. 
نحتاج إلي اسلاميين لم يخشوا مواجهة الكون والكائنات بما لديهم .. وفي ذات الوقت لم يستعلوا علي الكون والكائنات بما يحملون ..


نحتاج إلي بشر .. يؤمنون انهم بشر .. ضعفاء .. ناقصين .. ولكنهم يحملون رسالة كاملة .. قوية ..


نحتاج إلي من يحدثنا عن الهموم التي تستولي علي الملتزمين .. علي عمق الحيرة التي تنتابهم امام مغايرة الواقع للمفترض المتجسد في تصورهم ورسالتهم ..
نحتاج افلاما تضطرنا إلي التوبة .. وانيمشن يحدثنا عن الزهد ... وبرامج تدفعنا إلي التسامح .. ورواية تعمق مفاهيم الرضا .. دون أن يتحدث ايهم في اي ذلك صراحة ..
ودون ذاك الحشد القسري للمعني .. وكأننهم يحشوننا بالحق ..
والحق اسهل علي النفوس ..


تلك هي ثغراتنا ... 


فانطلق .. ووسد ثغرتك ..

ليست هناك تعليقات: